سفر أشعيا .12-1:53.15-13:52
هُوَذا عَبْدي يُوَفَّق يَتَعالى ويَرتَفِعُ ويَتَسامى جِدًّا.
كما أَنَّ كَثيرينَ ذُعِروا في شأنِكَ هكذا لم يَعُدْ مَنظَرُه مَنظَرَ إِنْسان وصورتُه صورَةَ بَني آدَم.
هكذا تَنتَفِضُ أُمَمٌ كَثيرة وأَمامَه يَسُدُّ المُلوكُ أَفْواهَهم لِأَنَّهم رَأَوا ما لم يُخبَروا بِه وعايَنوا ما لم يَسمَعوا بِه.
مَنِ الَّذي آمَنَ بِما سَمِعَ مِنَّا ولِمَن كُشِفَت ذِراعُ الرَّبّ؟
فإِنَّه نَبَتَ كفَرْعٍ أَمامَه وكأَصلٍ مِن أَرضٍ قاحِلَة لا صورَةَ لَه ولا بَهاءَ فنَنظُرَ إِلَيه ولا مَنظَرَ فنَشتَهِيَه.
مُزدَرًى ومَتْروكٌ مِنَ النَّاس رَجُلُ أَوجاعٍ وعارِفٌ بِالأَلَم ومِثلُ مَن يُستَرُ الوَجهُ عنه مُزدَرًى فلَم نَعبَأْ بِه.
لقَد حَمَلَ هو آلاَمَنا واحتَمَلَ أَوجاعَنا فحَسِبْناه مُصابًا مَضْروبًا مِنَ اللهِ ومُذَلَّلاً.
طُعِنَ بِسَبَبِ مَعاصينا وسُحِقَ بِسَبَبِ آثامِنا نَزَلَ بِه العِقابُ مِن أَجلِ سَلامِنا وبجُرحِه شُفينا.
كُلُّنا ضَلَلْنا كالغَنَم كُلُّ واحِدٍ مالَ إِلى طَريقِه فأَلقى الرَّبُّ علَيه إِثمَ كُلِّنا.
عُومِلَ بِقَسوَةٍ فتَواضَع ولم يَفتَحْ فاهُ كحَمَلٍ سيقَ إِلى الذَّبْحِ كنَعجَةٍ صامِتَةٍ أَمامَ الَّذينَ يَجُزُّونَها ولم يَفتَحْ فاهُ
بالإِكْراهِ وبِالقَضَاء أُخِذَ فمَن يُفَكِّرُ في مَصيرِه؟ قدِ انقَطَعَ مِن أَرضِ الأَحْياء وبِسَبَبِ مَعصِيَةِ شَعْبي ضُرِبَ حتَّى المَوت
فجُعِلَ قَبرُه مع الأَشْرار وضَريحُه مع الأَغنِياء مع أَنَّه لم يَصنَع عُنفًا ولم يوجَدْ في فمِه مَكْر.
والرَّبُّ رَضِيَ أَن يَسحَقَ ذاك الَّذي أَمرَضَه فإِذا قَرَّبَت نَفسُه ذَبيحَةَ إِثمٍ يَرى ذُرِّيًّةً وتَطولُ أَيَّامُه ورِضى الرَّبِّ يَنجَحُ عن يَدِه.
بِسَبَبِ عَناءَ نَفْسِه يَرى النُّور ويَشبَعُ بعِلمِه يُبَرِّرُ عَبْديَ البارُّ الكَثيرين وهو يَحتَمِلُ آثامَهم.
فلِذلك أَجعَلُ لَه نَصيبًا بَينَ العُظَماء وغَنيمةً مع الأَعِزَّاء لِأَنَّه أَسلَمَ نَفْسَه لِلمَوت وأُحصِيَ مع العُصاة وهو حَمَلَ خَطايا الكَثيربن وشَفَعَ في مَعاصيهم.
الرسالة إلى العبرانيّين .9-7:5.16-14:4
ولَمَّا كانَ لَنا عَظيمُ كَهَنَةٍ قدِ اجْتازَ السَّمَوات، وهو يسوعُ ابنُ الله، فلْنتَمَسَّكْ بِشهادةِ الإِيمان.
فلَيسَ لَنا عَظيمُ كَهَنَةٍ لا يَستَطيعُ أَن يَرثِيَ لِضُعفِنا: لَقَدِ امتُحِنَ في كُلِّ شَيءٍ مِثْلَنا ما عَدا الخَطِيئَة.
فلْنتَقَدَّمْ بِثِقَةٍ إِلى عَرْشِ النِّعمَة لِنَنالَ رَحمَةً ونَلْقى حُظْوَةً لِيَأَتِيَنا الغَوثُ في حِينِه
وهو الَّذي في أَيَّامِ حَياتِه البَشَرِيَّة رفعَ الدُّعاءَ والاِبتِهالَ بِصُراخٍ شَديدٍ ودُموعٍ ذَوارِف إِلى الَّذي بِوُسعِه أَن يُخَلِّصَه مِنَ المَوت، فاستُجيبَ لِتَقْواه.
وتَعَلَّمَ الطَّاعَةَ، وهو الاِبن، بما عانى مِنَ الأَلَم
ولَمَّا بُلِغَ بِه إِلى الكَمال، صارَ لِجَميعِ الَّذينَ يُطيعوَنه سَبَبَ خَلاصٍ أَبَدِيّ،
إنجيل القدّيس يوحنّا .42-1:19.40-1:18
قالَ يسوعُ هذهِ الأَشياء، وخرجَ مع تَلاميذِه، فعَبَرَ واديَ قِدْرون، وكانَ هُناكَ بُستان، فدخَلَه هو وتلاميذُه.
وكانَ يَهوذا الَّذي أَسلَمَه يَعرِفُ ذاكَ المكانَ لِكَثَرةِ ما اجَتَمَعَ فيه يَسوعُ معَ تَلاميذِه.
فجاءَ يَهوذا بِحَرَسِ الهَيكَلِ والحَرَسِ الَّذينَ أَرسَلَهم عُظماءُ الكَهَنَةِ والفِرِّيسِيُّونَ حتَّى بَلغَ ذلكَ المكان، ومعَهُمُ المَصابيحُ والمَشاعِلُ والسِّلاح.
وكانَ يسوعُ يَعلَمُ جَميعَ ما سَيَحدُثُ له، فخَرَجَ وقالَ لَهم: «مَن تَطلُبون؟»
أَجابوه: «يسوعَ النَّاصريّ». قالَ لَهم: «أَنا هو». وكانَ يَهوذا الَّذي أَسلَمَه واقِفًا معَهم.
فلَمَّا قالَ لهم: أَنا هو، رَجَعوا إِلى الوَراءِ ووَقَعوا إِلى الأَرض.
فسَأَلَهم يسوعُ ثانِيَةً: «مَن تَطلُبون؟» قالوا: «يسوعَ النَّاصِريّ».
أَجابَ يسوع: «قُلتُ لَكُم إِنِّي أَنا هو، فإِذا كُنتُم تَطلُبوني أَنا فدَعُوا هؤلاءِ يَذهَبون».
فَتمَّتِ الكَلِمَةُ الَّتي قالَها: «إِنَّ الَّذينَ وَهَبتَهم لي لم أَدَعْ أَحَدًا مِنهُم يَهلِك».
وكانَ سِمْعانُ بُطرُس يَحمِلُ سَيفًا، فاستَلَّه وضرَبَ خادمَ عَظيمِ الكَهَنَة، فقَطعَ أُذُنَه اليُمْنى، وكانَ اسمُ الخادِمِ مَلْخُس.
فقالَ يسوعُ لِبُطرُس: «أَغمِدِ السَّيف. أَفَلا أَشرَبُ الكَأسَ الَّتي ناوَلَني أَبي إِيَّاها».
فقَبَضَتِ الكَتيبَةُ والقائِدُ وحَرَسُ اليَهودِ على يسوع وأَوثَقوه
وساقوهُ أَوَّلاً إِلى حَنَّان، وهُو حَمُو قيافا عَظيمِ الكَهَنَةِ في تِلكَ السَّنَة.
وقَيافا هو الَّذي أَشارَ على اليَهودِ أَنَّه خَيرٌ أَن يَموتَ رَجُلٌ واحِدٌ عَنِ الشَّعب.
وتَبعَ يسوعَ سِمعانُ بُطرُس وتِلميذٌ آخَر، وكانَ عَظيمُ الكَهَنَةِ يَعرِفُ ذاكَ التِّلْميذ، فدَخلَ دارَ عَظيمِ الكَهَنَةِ مع يسوع.
أَمَّا بُطرُس فوقَفَ على البابِ في خارِجِ الدَّار. وخَرجَ التِّلْميذُ الآخَرُ الَّذي يَعرِفُه عَظيمُ الكَهَنَة، فكلَّمَ البَوَّابة وأَدخَلَ بُطرُس.
فقالَتِ الجارِيَةُ الَّتي على البابِ لِبُطرُس: «أَلَستَ أَنتَ أَيضًا مِن تَلاميذِ هذا الرَّجُل؟» قال: «لَستُ مِنهُم».
وأَوقَدَ الخَدَمُ والحَرَسُ نارًا لِشِدَّةِ البَرْد، ووَقَفوا يَستَدفِئون، ووَقفَ بُطرُسُ يَستدفِئُ معَهم.
فسأَلَ عَظيمُ الكَهَنَةِ يسوعَ عن تَلاميذِه وتَعليمِه.
أَجابَهُ يسوع: «إِنِّي كَلَّمتُ العالَمَ عَلانِيةً، وإِنِّي عَلَّمتُ دائمًا في المَجمَعِ والهِيكَلِ حَيثُ يَجتَمِعُ اليَهودُ كُلُّهم، ولَم أَقُلْ شَيئًا في الخُفْيَة.
فلِماذا تَسأَلُني أَنا؟ سَلِ الَّذينَ سَمِعوني عَمَّا كلَّمتُهم بِه، فهُم يَعرِفونَ ما قُلت».
فلمَّا قالَ يسوعُ هذا الكَلام، لَطَمَه واحِدٌ مِنَ الحَرَسِ كانَ بِجانِبِه وقالَ له: «أَهكذا تُجيبُ عَظيمَ الكَهَنَة؟»
أَجابَه يسوع: «إِن كُنتُ أَسَأْتُ في الكَلام، فبَيِّنِ الإِساءَة. وإِن كُنتُ أَحسَنتُ في الكَلام، فلِماذا تَضرِبُني؟»
فأَرسَلَ بِه حَنَّانُ مُوثَقًا إِلى قَيافا عَظيمِ الكَهَنَة.
وكانَ سِمعانُ بُطرُس واقِفًا يَستَدفِئ. فقالوا له: «أَلَستَ أَنتَ أَيضًا مِن تَلاميذِه؟» فأَنكَرَ قال: «لَستُ مِنهُم».
فقالَ خادِمٌ مِن خَدَمِ عَظيمِ الكَهَنَة، وكانَ مِن أَقارِبِ الرُّجُلِ الَّذي قَطَعَ بُطرُسُ أُذُنَه: «أَما رَأَيتُكَ أَنا بِنَفْسي معَه في البُستان؟»
فأَنكرَ بُطرُسُ مرَّةً أُخْرى. وعِندَئِذٍ صاحَ الدِّيك.
وساقوا يَسوعَ مِن عِندِ قَيافا إِلى دارِ الحاكِم. وكانَ ذلكَ عِندِ الفَجْر، فلَم يَدخُلوا دارَ الحاكِمِ مَخافَةَ أَن يَتَنَجَّسوا فلا يَتَمَكَّنوا مِن أَكْلِ الفِصْح.
فخرَجَ إِلَيهِم بيلاطُس وقال: «بِماذا تَتَّهِمونَ هذا الرَّجُل؟»
فأَجابوه: «لو لم يَكُنْ فاعِلَ شَرٍّ لَما أَسلَمْناهُ إِلَيكَ
فقالَ لَهم بيلاطُس: «خُذوه أَنتُم فحاكِموه بِحَسَبِ شَريعتِكم». قالَ لَه اليَهود: «لا يَجوزُ لَنا أَن نَقتُلَ أَحَدًا».
بذلك تمَّ الكَلامُ الَّذي قالَه يسوع مُشيرًا إِلى المِيتَةِ الَّتي سَيموتُها.
فعادَ بيلاطُس إِلى دارِ الحاكِم، ثُمَّ دَعا يسوعَ وقالَ له: «أَأَنتَ مَلِكُ اليَهود؟»
أَجابَ يسوع: «أَمِن عِندِكَ تَقولُ هذا أَم قالَه لَكَ فِيَّ آخَرون؟»
أَجابَ بيلاطُس: «أَتُراني يَهودِيًّا؟ إِنَّ أُمَّتَكَ وعُظَماءَ الكَهَنَةِ أَسلَموكَ إِلَيَّ. ماذا فَعَلتَ؟»
أَجابَ يسوع: «لَيسَت مَملَكَتي مِن هذا العالَم. لَو كانَت مَملَكَتي مِن هذا العالَم لَدافعَ عَنِّي حَرَسي لِكي لا أُسلَمَ إِلى اليَهود. ولكِنَّ مَملَكَتي لَيسَت مِن ههُنا».
فقالَ له بيلاطُس: «فأَنتَ مَلِكٌ إِذَن!» أَجابَ يسوع: «هوَ ما تَقول، فإِنِّي مَلِك. وأَنا ما وُلِدتُ وأَتَيتُ العالَم إِلاَّ لأَشهَدَ لِلحَقّ. فكُلُّ مَن كانَ مِنَ الحَقّ يُصْغي إِلى صَوتي».
قالَ له بيلاطُس: «ما هو الحَقّ؟» قالَ ذلكَ، ثُمَّ خرَجَ ثانِيَةً إِلى اليَهودِ فقالَ لَهم: «إِنِّي لا أَجِدُ فيه سَبَبًا لاتِّهامِه.
ولكِن جَرَتِ العَادَةُ عِندكُم أَن أُطلِقَ لَكم أَحَدًا في الفِصْح. أَفتُريدونَ أَن أُطلِقَ لَكمُ مَلِكَ اليَهود؟»
فعادوا إِلى الصِّياح: «لا هذا، بل بَرْأَبَّا!». وكان بَرْأَبَّا لِصًّا.
فأَخَذَ بيلاطُسُ يسوع وجَلَدَه.
ثُمَّ ضفَرَ الجُنودُ إِكليلاً مِن شَوكٍ ووضَعوه على رَأسِه، وأَلبَسوه رِداءً أُرجُوانِيًّا،
وأَخَذوا يَدنُونَ مِنهُ فيَقولون: «السَّلامُ علَيكَ يا مَلِكَ اليَهود!» وكانوا يَلطِمونَه.
وخَرَجَ بيلاطُسُ ثانِيًا وقالَ لَهم: «ها إِنِّي أُخرِجُه إِلَيكم لتَعلَموا أَنِّي لا أَجِدُ فيه سَبَبًا لاتِّهامِه».
فخَرَجَ يسوعُ وعلَيه إِكْليلُ الشَّوكِ والرِّداءُ الأُرجُوانيّ، فقالَ لَهم بيلاطُس: «ها هُوَذا الرَّجُل!»
فلمَّا رآه عُظَماءُ الكَهَنَةِ والحَرَس صاحوا: «اِصْلِبْهُ! اِصْلِبْهُ!» قالَ لَهم بيلاطُس: «خُذوه أَنتُم فاصلِبوه، فإِنِّي لا أَجِدُ فيه سَبَبًا لاتِّهامِه».
أَجابَه اليَهود: «لَنا شَريعَة، وبِحَسَبِ هذهِ الشَّريعة يَجِبُ علَيه أَن يَموت لأَنَّه جعَلَ نَفْسَه ابنَ الله».
فلَمَّا سَمِعَ بيلاطُسُ هذا الكَلامَ اشتَدَّ خَوفُه.
فعادَ إِلى دارِ الحُكومَة وقالَ لِيَسوع: «مِن أَينَ أَنتَ؟» فلَم يُجِبْه يسوعُ بِشَيء.
فقالَ له بيلاطُس: «أَلا تُكَلِّمُني؟ أَفَلَستَ تَعلَمُ أَنَّ لي سُلْطانًا على أَن أُخلِيَ سبيلَكَ، وسُلطانًا على أَن أَصلِبَكَ؟»
أَجابَهُ يسوع: «لو لم تُعطَ السُّلطانَ مِن عَلُ، لَما كانَ لَكَ علَيَّ مِن سُلْطان، ولِذلِكَ فالَّذي أَسلَمَني إِلَيكَ علَيه خَطيئَةٌ كبيرة».
فحاولَ بيلاطُسُ مِن ذلك الحينِ أَن يُخلِيَ سَبيلَه، ولكِنَّ اليَهودَ صاحوا: «إِن أَخلَيتَ سَبيلَه، فَلَستَ صَديقًا لِقَيصَر، لِأَنَّ كُلَّ مَن يَجعَلُ نَفْسَه مَلِكًا يخرُجُ على قَيصَر».
فلَمَّا سَمِعَ بيلاطُسُ هذا الكَلام، أَمَرَ بِإِخراجِ يسوع، وأَجلَسَه على كُرسيِّ القَضاءِ في مَكانٍ يُسَمَّى البَلاط ويُقالُ له بالعِبرِيَّةِ غَبَّاثَة.
وكانَ ذلكَ اليَومُ يَومَ تَهيِئَةِ الفِصْح، والسَّاعةُ تُقارِبُ الظُّهْر. فقالَ لِليَهود: «هاهُوَذا مَلِكُكم!»
فصاحوا: «أَعدِمْه! أَعدِمْه! اِصْلِبْهُ!» قالَ لَهم بيلاطس: «أَأَصلِبُ مَلِكَكُم؟» أَجابَ عُظَماءُ الكَهَنَة: «لا مَلِكَ علَينا إِلاَّ قَيصَر!»
فأَسلَمَه إِليهم لِيُصلَب. فأَمسَكوا يسوع.
فخَرَجَ حامِلاً صَليبَه إِلى المَكانِ الَّذي يُقالُ لَه مَكانَ الجُمجُمة، ويقالُ لهُ بِالعِبرِيَّةِ جُلْجُثَة.
فَصَلبوهُ فيه، وصَلَبوا معَه آخَرَين، كُلٌّ مِنهُما في جِهَة، وبَينَهما يسوع.
وكَتَبَ بيلاطُسُ رُقعَةً وجَعَلَها على الصَّليب، وكانَ مكتوبًا فيها: «يسوعُ النَّاصِريُّ مَلِكُ اليَهود»
وهذِه الرُّقعَةُ قَرَأَها كَثيرٌ مِنَ اليَهود، لِأَنَّ المكانَ الَّذي صُلِبَ فيه يسوع كانَ قريبًا مِنَ المَدينَة. وكانَتِ الكِتابَةُ بِالعِبرِيَّةِ واللاَّتينَّيةِ واليُونانِيَّة.
فقالَ عُظَماءُ كَهَنَةِ اليَهودِ لِبيلاطُس: «لا تَكتُبْ: مَلِكُ اليَهود، بلِ اكتُبْ: قالَ هذا الرَّجُل: إِنَّي مَلِكُ اليَهود».
أَجابَ بيلاطس: «ما كُتِبَ قد كُتِب!».
وأَمَّا الجُنود فبَعدَما صَلَبوا يسوع أَخذوا ثِيابَه وجَعلوها أَربَعَ حِصَص، لِكُلِّ جُندِيٍّ حِصَّة. وأَخَذوا القَميصَ أَيضًا وكانَ غيرَ مَخيط، مَنسوجًا كُلُّه مِن أَعلاهُ إِلى أَسفَلِه.
فقالَ بَعضُهم لِبَعض: «لا نَشُقَّه، بل نَقتَرعُ علَيه، فنَرى لِمَن يَكون». فتَمَّتِ الآية: «اِقتَسَموا ثِيابي وعلى لِباسي اقتَرعوا». فهذا ما فَعَلَه الجُنود.
هُناكَ عِندَ صَليبِ يسوع، وقَفَت أُمُّه، وأُختُ أُمِّه مَريَمُ امرأَةُ قَلُوبا، ومَريَمُ المِجدَلِيَّة.
فرأَى يسوعُ أُمَّه وإِلى جانِبِها التِّلميذُ الحَبيبُ إِلَيه. فقالَ لأُمِّه: «أَيَّتها المَرأَة، هذا ابنُكِ».
ثمَّ قالَ لِلتِّلميذ: «هذه أُمُّكَ». ومُنذُ تِلكَ السَّاعةِ استَقبَلَها التِّلميذُ في بَيتِه.
وبَعدَ ذلك، كانَ يَسوعُ يَعلَمُ أَنَّ كُلَّ شَيءٍ قدِ انتَهى، فلِكَي يَتِمَّ الكِتاب، قالَ: «أَنا عَطْشان».
وكانَ هُناكَ إِناءٌ مَمْلوءٌ خَلاًّ. فوَضَعوا إِسْفَنجَةً مُبتَلَّةً بِالخَلِّ على ساقِ زوفى، وأَدنَوها مِن فَمِه.
فلَمَّا تَناوَلَ يسوعُ الخَلَّ قال: «تَمَّ كُلُّ شَيء» ثُمَّ حَنى رأسَهُ وأَسلَمَ الرُّوح.
وكانَ ذلكَ اليَومُ يَومَ التَّهِيئَة، فَسأَلَ اليَهُودُ بيلاطُس أَن تُكسَرَ سُوقُ المَصلوبين وتُنزَلَ أَجسادُهُم، لِئَلاَّ تَبْقى على الصَّليبِ يَومَ السَّبت، لِأَنَّ ذاكَ السَّبْتَ يَوْمٌ مُكَرَّم.
فجاءَ الجُنودُ فكَسروا ساقَيِ الأَوَّلِ والآخَرِ اللَّذينَ صُلِبا معَه.
أَمَّا يسوع فلَمَّا وَصَلوا إِليه ورأَوهُ قد مات، لَم يَكسِروا ساقَيْه،
لكِنَّ واحِدًا مِنَ الجُنودِ طَعَنه بِحَربَةٍ في جَنبِه، فخرَجَ لِوَقتِه دَمٌ وماء.
والَّذي رأَى شَهِد، وشَهادَتُه صَحيحة، وذاك يَعلَمُ أَنَّه يَقولُ الحَقَّ لِتُؤمِنوا أَنتُم أَيضًا.
فقد كانَ هذا لِيَتِمَّ الكِتاب: «لن يُكسَرَ له عَظْم».
ووَرَدَ أَيضًا في آيةٍ أُخرى مِنَ الكِتاب: «سَيَنظُرونَ إِلى مَن طَعَنوا».
وبَعدَ ذلِك جاءَ يوسُفُ الرَّاميّ، وكانَ تِلميذًا لِيسوعَ يُخْفي أَمرَهُ خَوفًا مِنَ اليَهود، فسأَلَ بيلاطُسَ أَن يأخُذَ جُثمانَ يَسوع، فأَذِنَ له بيلاطُس. فجاءَ فأَخَذَ جُثْمانَه.
وجاءَ نيقوديمُس أَيضًا، وهوَ الَّذي ذهَبَ إِلى يَسوعَ لَيلاً مِن قَبلُ، وكانَ مَعه خَليطٌ مِنَ المُرِّ والعودِ مِقدارُه نَحوُ مِائةِ دِرهَم.
فحَمَلوا جُثْمانَ يسوع ولَفُّوهُ بِلَفائِفَ مع الطِّيب، كما جَرَت عادةُ اليُهودِ في دَفنِ مَوتاهُم.
وكانَ في المَوضِعِ الَّذي صُلِبَ فيهِ بُستان، وفي البُستانِ قَبرٌ جَديد لم يَكُنْ قد وُضِعَ فيهِ أَحَد.
وكانَ القَبرُ قَريبًا فَوضَعوا فيه يَسوع بِسَبَبِ تَهْيِئَةِ السَّبْتِ عِندَ اليَهود.
النصّ مأخوذ من ترجمة دار المشرق بيروت-2002
www.albishara.org
تعليق على الإنجيل:
القدّيس جِرمانُس (؟ - 733)، بطريرك القسطنطينيّة
في دفن جسد الربّ
"فقَد ظَهَرَ لِلمُقِيمينَ في الظُّلمَةِ وَظِلالِ المَوت"
"الشَّعبُ السَّائِرُ في الظُّلمَةِ أَبصَرَ نورًا عَظيمًا والمُقيمونَ في بُقعَةِ الظَّلام أَشرَقَ علَيهم النُّور"، نور الفداء (أش9: 1). عندما يرى هذا الشعب مَن كان يستبدّ به مجروحًا إلى حد الموت، يعود هذا الشعب من الظلمة إلى النور ومن الموت يعبر إلى الحياة.
خشبة الصليب تحمل ذاك الذي صنع الكون. ها هو حامل العالم مُثبّت على الخشبة كميت وقد تجرَّع كأس الموت من أجل حياتي؛ إنّ الذي ينفخ نسمة الحياة في الموتى يسلم روحه على الخشبة. لم يُشعِره الصليب بالخجل البتّة، إنّما كان كأس انتصاره الكامل. إنّه يعتلي بكلّ استحقاق عرش الصليب كقاضٍ عادل. تاج الشوك الذي يتوّج جبينه يؤكّد انتصاره: "ثِقوا إِنِّي قد غَلَبتُ العالَم" وملك هذا العالم عندما رفعت خطيئة العالم (يو16: 33؛ 1: 29).
إنّ الحجارة تصرخ بأنّ الصليب أصبح انتصارًا، حجارة الجلجلة تلك حيث دُفن آدم، أبانا الأوّل، كما هو مذكور في تقاليد الآباء. ها هو الربّ ينادي من على الصليب مرّة أخرى: "آدم، أين أنت؟" (تك3: 9). لقد أتيت للبحث عنك، ومددت يدي على الصليب كي أستطيع أن أجدك. كما أتوجّه بيديّ الممدودتين إلى الآب شاكرًا لأنّني وجدتك، ثمّ أديرهما نحوك كي أُقبِّلك. لم آتي لكي أدين خطيئتك، إنّما كي أنقذك بواسطة حبّي للبشر (يو3: 17)؛ لم آتي لكي ألعنك من أجل عدم طاعتك، ولكن لكي أباركك من خلال طاعتي أنا. سأغطّيك بجناحيّ، وستجد في ظلّي الملجأ الأمين؛ إنّ أمانتي سوف تؤمّن لك "ترسًا ودرعًا" بالصليب ولن تعود "لتَخْشى اللَّيلَ وأَهوالَه" (مز91(90): 1-5) لأنّك ستعرف نِظامَ العالَمِ وفاعِلِيّةَ العَناصِر ومَبدَأَ الأَزمِنةِ ومُنتهاها (حك7: 17). سأبحث عن حياتك المستترة "في الظُّلمَةِ وَظِلالِ المَوت" (لو1: 79). لن أرتاح حتّى أتأكّد من أنّني بعد أن عانيت الذلّ ونزلت إلى الجحيم كي أبحث عنك هناك، قد أعدتك إلى السماء".