إخوتي وأخواتي الأعزّاء،
إنّنا نحتفل بأسبوع الصلاة من أجل الوحدة بين المسيحيّين، حيث يُدعى جميع المؤمنين بالمسيح إلى المشاركة في الصلاة لِيشهدوا على الرباط الوثيق القائم بينهم ولابتهال عطيّة الشركة الكاملة. إنّه لَمن عمل العناية الإلهيّة أن توضع الصلاة في صلب درب بناء الوحدة: وهذا يذكِّرنا، مرّة أخرى، بأنّ الوحدة لا يمكن أن تكون مجرّد نتاج العمل البشري؛ فهي قبل كلّ شيء عطيّة من الله، تستوجِب نموًّا في الشركة مع الآب والابن والروح القدس. يقول المجمع الفاتيكانيّ الثاني: “إنّ هذه الصلوات المشتركة لأداةٌ فعّالةٌ جدًا لاستعطاء نعمة الوحدة والعبادة الأصليّة والأواصر التي تربط إلى الآن الكاثوليك بالإخوة المنفصلين: “لأنّه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فأنا أكون هناك فيما بينهم” (إنجيل متى 20/18)”.(استعادة الوحدة، قرار عدد 8 ). والدرب نحو الوحدة المرئيّة بين جميع المسيحيّين “يسكن” في الصلاة، لأنّ الوحدة لا “نبنيها” نحن في الأساس، بل “يبنيها” الله، فهي تأتي منه، من سرّ الثالوث الأقدس، من وحدة الآب مع الابن في حوار المحبّة الذي هو الروح القدس، والتزامنا المسكونيّ يجب أن ينفتح على العمل الإلهيّ، يجب أن يصبح ابتهالاً يوميًّا لعون الله. فالكنيسة كنيسته لا كنيستنا.
إنّنا نحتفل بأسبوع الصلاة من أجل الوحدة بين المسيحيّين، حيث يُدعى جميع المؤمنين بالمسيح إلى المشاركة في الصلاة لِيشهدوا على الرباط الوثيق القائم بينهم ولابتهال عطيّة الشركة الكاملة. إنّه لَمن عمل العناية الإلهيّة أن توضع الصلاة في صلب درب بناء الوحدة: وهذا يذكِّرنا، مرّة أخرى، بأنّ الوحدة لا يمكن أن تكون مجرّد نتاج العمل البشري؛ فهي قبل كلّ شيء عطيّة من الله، تستوجِب نموًّا في الشركة مع الآب والابن والروح القدس. يقول المجمع الفاتيكانيّ الثاني: “إنّ هذه الصلوات المشتركة لأداةٌ فعّالةٌ جدًا لاستعطاء نعمة الوحدة والعبادة الأصليّة والأواصر التي تربط إلى الآن الكاثوليك بالإخوة المنفصلين: “لأنّه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فأنا أكون هناك فيما بينهم” (إنجيل متى 20/18)”.(استعادة الوحدة، قرار عدد 8 ). والدرب نحو الوحدة المرئيّة بين جميع المسيحيّين “يسكن” في الصلاة، لأنّ الوحدة لا “نبنيها” نحن في الأساس، بل “يبنيها” الله، فهي تأتي منه، من سرّ الثالوث الأقدس، من وحدة الآب مع الابن في حوار المحبّة الذي هو الروح القدس، والتزامنا المسكونيّ يجب أن ينفتح على العمل الإلهيّ، يجب أن يصبح ابتهالاً يوميًّا لعون الله. فالكنيسة كنيسته لا كنيستنا.
يتّصل الموضوع المختار لهذا العام لأسبوع الصلاة بخبرة الجماعة المسيحيّة الأولى في أورشليم، كما تصفها أعمال الرسل؛ لقد استمعنا إلى النصّ: “وكانوا مُواظبين على الإصغاء إلى تعليم الرُسُل والمُشاركة وكسر الخبز والصلوات” (أعمال 2، 42). يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أنّ الروح القدس حلّ في زمن العنصرة على أُناس من لغات وثقافات مختلفة: ممّا يعني أنّ الكنيسة تحتضن منذ البدء أناسًا مُختلفي المنشأ، ومع ذلك يخلق الروح القدس، انطلاقًا من هذه الاختلافات بالتحديد، جسدًا واحدًا. تدلّ العنصرة، كبداية للكنيسة، توسيع عهد الله لتشمل الخليقة بأسرها، وجميع الشعوب وجميع الأزمنة، كي تسير الخليقة بأكملها نحو هدفها الحقيقيّ: أن تكون مكان وحدة ومحبّة.
في المقطع المذكور من أعمال الرسل، هناك أربع ميزات تُحدِّد الجماعة المسيحيّة الأولى في أورشليم كمكان للوحدة والمحبّة، والقدّيس لوقا لا يريد فقط وصف أمرٍ من الماضي. إنّه يقدّم لنا هذا كمِثال، كقاعدة للكنيسة الحاضرة، لأنّ هذه الميزات الأربع يجب أن تسيم دائمًا حياة الكنيسة. الميزة الأولى، أن تكون الكنيسة متّحدة وثابتة في الإصغاء إلى تعليم الرُسُل، ومن ثمّ في الشركة الأخويّة، في كسر الخبز وفي الصلوات. وكما قلت، لا تزال هذه العناصر الأربعة تمثِّل حتّى اليوم دعائم حياة كلّ جماعة مسيحيّة وتشكِّل أيضًا الأساس المتين الوحيد لمتابعة البحث عن الوحدة المرئيّة للكنيسة.
قبل كلّ شيء هناك الإصغاء إلى تعليم الرُسُل، أي الاستماع إلى الشهادة التي يقدّمونها عن رسالة الربّ وحياته وموته وقيامته. هذا ما يدعوه القدّيس بولس ببساطة “الإنجيل”. كان المسيحيّون الأوائل يتلقّون الإنجيل من فم الرسل، كانوا متّحدين من خلال الاستماع إليه وإعلانه، لأنّ الإنجيل، كما يؤكِّد القدّيس بولس، “هو قوّة الله لِخلاص كلّ مؤمن” (روما 1، 16). اليوم أيضًا، تعترف جماعة المؤمنين بِمرجعيّة تعليم الرسل كَقانون لإيمانها، فكلّ جهد لِبناء الوحدة بين جميع المسيحيّين يمرّ من خلال التعمّق في الإخلاص لـ “إرث الإيمان” الذي نقله إلينا الرُسُل. الثبات في الإيمان هو أساس الشركة بيننا، إنّه أساس الوحدة المسيحيّة.
العنصر الثاني هو الشركة الأخويّة. فهي كانت في زمن الجماعة المسيحيّة الأولى، كما أيضًا في أيّامنا، أعظم تعبير ملموس عن الوحدة بين تلاميذ الربّ، لا سيّما بالنسبة للعالم الخارجيّ. نقرأ في أعمال الرسل أنّ المسيحيّين الأوائل كانوا يتشاركون في كلّ شيء، ومَن كانت له أملاك ومُقتنيات، كان يبيعها لكي يوزِّع ثمنها على المُحتاجين (راجع أعمال الرسل 2، 44-45). إنّ تقاسم المُقتنيات الخاصّة هذا وجد في تاريخ الكنيسة أساليب دومًا جديدة في التعبير. وإحدى هذه الخصوصيّات، هي العلاقات الأخويّة والصداقة التي نشأت بين مسيحيّين من طوائف مختلفة. يتّسم تاريخ الحركة المسكونيّة بالصعوبات والشكوك، لكنّه أيضًا تاريخ أخوّة وتعاون ومشاركة إنسانيّة وروحيّة، حوّلَ إلى حدٍّ كبير العلاقات بين المؤمنين بالربّ يسوع: ونحن جميعًا ملتزمون بمواصلة السير على هذا الطريق. العنصر الثاني، إذًا، هو الشركة، التي هي قبل كلّ شيء شركة مع الله من خلال الإيمان؛ لكنّ الشركة مع الله تخلق شركة بيننا وتعبِّر عن نفسها بالضرورة في تلك الشركة الملموسة التي يتكلّم عنها في أعمال الرسل، أي التقاسم. يجب ألاّ يجوع أحدٌ في الجماعة المسيحيّة، أو أن يكون فقيرًا: هذا واجبٌ أساسي. الشركة مع الله، التي تتحقّق في الشركة الأخويّة، تُعبِّر عن نفسها عمليًّا في الالتزام الاجتماعيّ، وعمل الخير المسيحيّ، وفي العدالة.
العنصر الثالث: في حياة الجماعة المسيحيّة الأولى في أورشليم كان وقت كسر الخبز أساسيًّا، حيثُ يجعل الربّ نفسه حاضرًا في ذبيحة الصليب الفريدة وفي بذله ذاته كليًّا لِحياة أصدقائه: “هذا هو جسدي الذي يُبذَل من أجلكم... هذه الكأس هي العهد الجديد بِدمي، الذي يُهرق من أجلكم”. “الكنيسة تحيا بالإفخارستيا. هذه الحقيقة لا تعبّر عن اختبار يوميّ للإيمان فحسب، بل تشكّل باختصار لبَّ سرّ الكنيسة” (يوحنّا بولس الثاني، الإفخارستيّا حياةُ الكنيسة، 1). والشركة في ذبيحة المسيح هي ذروة اتّحادنا مع الله وتُمثِّل بالتالي أيضًا ملء وحدة تلاميذ المسيح، الشركة الكاملة. نشعر خلال أسبوع الصلاة هذا من أجل الوحدة بالمرارة الشديدة لعدم إمكاننا أن نتشارك بالمائدة الافخارستيّة نفسها، علامة على أنّنا ما زلنا بعيدين عن تحقيق الوحدة التي صلّى من أجلها المسيح. هذه التجربة المؤلمة، التي تمنح أيضًا بُعدًا تكفيريًّا لصلاتنا، يجب أن تصبح سبب التزام أكثر سخاءً من قِبل الجميع، كي تُزال العقبات التي تعترض الوصول إلى الشركة الكاملة، ليأتي ذاك اليوم الذي نتمكّن فيه من أن نجتمع حول مائدة الربّ، ونكسر الخبز الإفخارستي معًا ونشرب من كأسٍ واحدة.
وأخيرًا، الصلاة - أو كما يقول القدّيس لوقا الصلوات - هي الميزة الرابعة لكنيسة النشأة في أورشليم كما يصفها كتاب أعمال الرسل. الصلاة هي دائمًا موقف تلاميذ المسيح الثابت، وما يُرافق حياتهم اليوميّة في طاعةٍ لمشيئة الله، كما تشهد كلمات الرسول بولس، الذي يكتب في رسالته الأولى إلى أهل تسالونيكي: “افرحوا على الدوام، صلّوا بِغير انقطاع، اشكروا في كلّ شيء. فهذه مشيئة الله إليكم في المسيح يسوع” (الرسالة الأولى إلى أهل تسالونيكي 5 ، 16-18، راجع الرسالة إلى أهل أفسس 6، 18). الصلاة المسيحيّة، المشاركة في صلاة يسوع، هي فوق كلّ شيء خبرة بنويّة، كما تشهد كلمات الأبانا، صلاة العائلة – "نحن" أبناء الله، والإخوة والأخوات - التي تتحدّث الى الآب المشترك. ووضع أنفسنا في سلوك صلاة يعني بالتالي أن ننفتح على الأخوّة. فقط في الـ "نحن" يمكننا أن نقول أبانا. فلننفتح إذًا على الأخوّة، الناجمة عن كوننا أبناء الآب السماويّ الواحد، وأن نكون على استعداد للمسامحة والمصالحة.
إخوتي وأخواتي الأعزّاء، تقع علينا كتلامذة الربّ مسؤوليّةٌ مشتركة تجاه العالم، يجب أن نقوم بِخدمة عامّة: على مثال الجماعة المسيحيّة الأولى في أورشليم، وانطلاقًا ممّا نتقاسمه، يجب علينا أن نقدِّم شهادة قويّة، مُؤسّسة على الروح ومدعومة بالعقل، لله الواحد الذي أظهر ذاته ويحدّثنا في المسيح، كي نحمل رسالةً تُوجِّه وتُنير درب إنسان عصرنا، الذي غالبًا ما تنقصه مراجع واضحة وصالحة. من المهمّ إذًا أن ننموَ كلّ يوم في المحبّة المتبادلة، جاهدين لتخطّي تلك الحواجز التي لا تزال قائمة بين المسيحيّين؛ أن نشعر بأنّ هناك وحدةً حقيقيّة داخليّة بين جميع الذين يتبعون الربّ؛ وأن نتعاون قدر إمكاننا، وننكبّ معًا على القضايا التي لا تزال موضع بحث؛ وفوق كلّ شيء، أن ندرك أنّ الربّ يجب أن يواكبنا في هذه المسيرة، يجب أن يساعدنا بعدُ كثيرًا، لأنّنا لا نقدر من دونه، لِوحدنا، ومن دون أن “نثبُت فيه” أن نفعل شيئًا (راجع إنجيل يوحنّا 15، 5).
أصدقائي الأعزّاء، نجد أنفسنا مجتمعين مرّة أخرى في الصلاة - وخاصّةً في هذا الاسبوع - جنبًا إلى جنب مع جميع الذين يقرّون بإيمانهم بِيسوع المسيح، ابن الله: فلنُواظِبْ على الصلاة، لِنكن أُناس الصلاة، مبتهلين إلى الله عطيّة الوحدة، كيما يتمّ للعالم كلّه مشروعُ خلاصه ومصالحته. شكرًا.
في المقطع المذكور من أعمال الرسل، هناك أربع ميزات تُحدِّد الجماعة المسيحيّة الأولى في أورشليم كمكان للوحدة والمحبّة، والقدّيس لوقا لا يريد فقط وصف أمرٍ من الماضي. إنّه يقدّم لنا هذا كمِثال، كقاعدة للكنيسة الحاضرة، لأنّ هذه الميزات الأربع يجب أن تسيم دائمًا حياة الكنيسة. الميزة الأولى، أن تكون الكنيسة متّحدة وثابتة في الإصغاء إلى تعليم الرُسُل، ومن ثمّ في الشركة الأخويّة، في كسر الخبز وفي الصلوات. وكما قلت، لا تزال هذه العناصر الأربعة تمثِّل حتّى اليوم دعائم حياة كلّ جماعة مسيحيّة وتشكِّل أيضًا الأساس المتين الوحيد لمتابعة البحث عن الوحدة المرئيّة للكنيسة.
قبل كلّ شيء هناك الإصغاء إلى تعليم الرُسُل، أي الاستماع إلى الشهادة التي يقدّمونها عن رسالة الربّ وحياته وموته وقيامته. هذا ما يدعوه القدّيس بولس ببساطة “الإنجيل”. كان المسيحيّون الأوائل يتلقّون الإنجيل من فم الرسل، كانوا متّحدين من خلال الاستماع إليه وإعلانه، لأنّ الإنجيل، كما يؤكِّد القدّيس بولس، “هو قوّة الله لِخلاص كلّ مؤمن” (روما 1، 16). اليوم أيضًا، تعترف جماعة المؤمنين بِمرجعيّة تعليم الرسل كَقانون لإيمانها، فكلّ جهد لِبناء الوحدة بين جميع المسيحيّين يمرّ من خلال التعمّق في الإخلاص لـ “إرث الإيمان” الذي نقله إلينا الرُسُل. الثبات في الإيمان هو أساس الشركة بيننا، إنّه أساس الوحدة المسيحيّة.
العنصر الثاني هو الشركة الأخويّة. فهي كانت في زمن الجماعة المسيحيّة الأولى، كما أيضًا في أيّامنا، أعظم تعبير ملموس عن الوحدة بين تلاميذ الربّ، لا سيّما بالنسبة للعالم الخارجيّ. نقرأ في أعمال الرسل أنّ المسيحيّين الأوائل كانوا يتشاركون في كلّ شيء، ومَن كانت له أملاك ومُقتنيات، كان يبيعها لكي يوزِّع ثمنها على المُحتاجين (راجع أعمال الرسل 2، 44-45). إنّ تقاسم المُقتنيات الخاصّة هذا وجد في تاريخ الكنيسة أساليب دومًا جديدة في التعبير. وإحدى هذه الخصوصيّات، هي العلاقات الأخويّة والصداقة التي نشأت بين مسيحيّين من طوائف مختلفة. يتّسم تاريخ الحركة المسكونيّة بالصعوبات والشكوك، لكنّه أيضًا تاريخ أخوّة وتعاون ومشاركة إنسانيّة وروحيّة، حوّلَ إلى حدٍّ كبير العلاقات بين المؤمنين بالربّ يسوع: ونحن جميعًا ملتزمون بمواصلة السير على هذا الطريق. العنصر الثاني، إذًا، هو الشركة، التي هي قبل كلّ شيء شركة مع الله من خلال الإيمان؛ لكنّ الشركة مع الله تخلق شركة بيننا وتعبِّر عن نفسها بالضرورة في تلك الشركة الملموسة التي يتكلّم عنها في أعمال الرسل، أي التقاسم. يجب ألاّ يجوع أحدٌ في الجماعة المسيحيّة، أو أن يكون فقيرًا: هذا واجبٌ أساسي. الشركة مع الله، التي تتحقّق في الشركة الأخويّة، تُعبِّر عن نفسها عمليًّا في الالتزام الاجتماعيّ، وعمل الخير المسيحيّ، وفي العدالة.
العنصر الثالث: في حياة الجماعة المسيحيّة الأولى في أورشليم كان وقت كسر الخبز أساسيًّا، حيثُ يجعل الربّ نفسه حاضرًا في ذبيحة الصليب الفريدة وفي بذله ذاته كليًّا لِحياة أصدقائه: “هذا هو جسدي الذي يُبذَل من أجلكم... هذه الكأس هي العهد الجديد بِدمي، الذي يُهرق من أجلكم”. “الكنيسة تحيا بالإفخارستيا. هذه الحقيقة لا تعبّر عن اختبار يوميّ للإيمان فحسب، بل تشكّل باختصار لبَّ سرّ الكنيسة” (يوحنّا بولس الثاني، الإفخارستيّا حياةُ الكنيسة، 1). والشركة في ذبيحة المسيح هي ذروة اتّحادنا مع الله وتُمثِّل بالتالي أيضًا ملء وحدة تلاميذ المسيح، الشركة الكاملة. نشعر خلال أسبوع الصلاة هذا من أجل الوحدة بالمرارة الشديدة لعدم إمكاننا أن نتشارك بالمائدة الافخارستيّة نفسها، علامة على أنّنا ما زلنا بعيدين عن تحقيق الوحدة التي صلّى من أجلها المسيح. هذه التجربة المؤلمة، التي تمنح أيضًا بُعدًا تكفيريًّا لصلاتنا، يجب أن تصبح سبب التزام أكثر سخاءً من قِبل الجميع، كي تُزال العقبات التي تعترض الوصول إلى الشركة الكاملة، ليأتي ذاك اليوم الذي نتمكّن فيه من أن نجتمع حول مائدة الربّ، ونكسر الخبز الإفخارستي معًا ونشرب من كأسٍ واحدة.
وأخيرًا، الصلاة - أو كما يقول القدّيس لوقا الصلوات - هي الميزة الرابعة لكنيسة النشأة في أورشليم كما يصفها كتاب أعمال الرسل. الصلاة هي دائمًا موقف تلاميذ المسيح الثابت، وما يُرافق حياتهم اليوميّة في طاعةٍ لمشيئة الله، كما تشهد كلمات الرسول بولس، الذي يكتب في رسالته الأولى إلى أهل تسالونيكي: “افرحوا على الدوام، صلّوا بِغير انقطاع، اشكروا في كلّ شيء. فهذه مشيئة الله إليكم في المسيح يسوع” (الرسالة الأولى إلى أهل تسالونيكي 5 ، 16-18، راجع الرسالة إلى أهل أفسس 6، 18). الصلاة المسيحيّة، المشاركة في صلاة يسوع، هي فوق كلّ شيء خبرة بنويّة، كما تشهد كلمات الأبانا، صلاة العائلة – "نحن" أبناء الله، والإخوة والأخوات - التي تتحدّث الى الآب المشترك. ووضع أنفسنا في سلوك صلاة يعني بالتالي أن ننفتح على الأخوّة. فقط في الـ "نحن" يمكننا أن نقول أبانا. فلننفتح إذًا على الأخوّة، الناجمة عن كوننا أبناء الآب السماويّ الواحد، وأن نكون على استعداد للمسامحة والمصالحة.
إخوتي وأخواتي الأعزّاء، تقع علينا كتلامذة الربّ مسؤوليّةٌ مشتركة تجاه العالم، يجب أن نقوم بِخدمة عامّة: على مثال الجماعة المسيحيّة الأولى في أورشليم، وانطلاقًا ممّا نتقاسمه، يجب علينا أن نقدِّم شهادة قويّة، مُؤسّسة على الروح ومدعومة بالعقل، لله الواحد الذي أظهر ذاته ويحدّثنا في المسيح، كي نحمل رسالةً تُوجِّه وتُنير درب إنسان عصرنا، الذي غالبًا ما تنقصه مراجع واضحة وصالحة. من المهمّ إذًا أن ننموَ كلّ يوم في المحبّة المتبادلة، جاهدين لتخطّي تلك الحواجز التي لا تزال قائمة بين المسيحيّين؛ أن نشعر بأنّ هناك وحدةً حقيقيّة داخليّة بين جميع الذين يتبعون الربّ؛ وأن نتعاون قدر إمكاننا، وننكبّ معًا على القضايا التي لا تزال موضع بحث؛ وفوق كلّ شيء، أن ندرك أنّ الربّ يجب أن يواكبنا في هذه المسيرة، يجب أن يساعدنا بعدُ كثيرًا، لأنّنا لا نقدر من دونه، لِوحدنا، ومن دون أن “نثبُت فيه” أن نفعل شيئًا (راجع إنجيل يوحنّا 15، 5).
أصدقائي الأعزّاء، نجد أنفسنا مجتمعين مرّة أخرى في الصلاة - وخاصّةً في هذا الاسبوع - جنبًا إلى جنب مع جميع الذين يقرّون بإيمانهم بِيسوع المسيح، ابن الله: فلنُواظِبْ على الصلاة، لِنكن أُناس الصلاة، مبتهلين إلى الله عطيّة الوحدة، كيما يتمّ للعالم كلّه مشروعُ خلاصه ومصالحته. شكرًا.