امامهذا الحدث العجيب نرى شخص يسوع المسيح فاتحاً باب الرجاء أمام هذه المرأة التيأمسكت في ذات الفعل وحولها الاشخاص حاملين الحجارة كي يرجموها بها حسب ما تنص عليهشريعتهم . هؤلاء الناس يلتفون حولها ويقدموها ليسوع علهمّ يصطدوه بكلمة أو موقفيحرجوه فيه ولكن لم يقدورا عليه لأنه ربٌ حنونٌ ورؤفٌ طويل الأناة يحب الصديقينويرحم الخاطئين وهو الرجاء لكل نفس خاطئة، نعم فهو رجاء لمن ليسلهمرجاء وهو نور للسالكين في ظلام الخطيئة ،ومن يتبعه لايمشي في الظلام.ودائماً هو يدعونا الى السير في النور " سيروا فيالنور مادام لكم النور"
يأتيالكتبة والفريسون الى يسوع بامرأة أمسكت في ذات الفعل، في حالة زنى جاءوا بها اليهيطلبون رجمها متوقعين من يسوع بأن يمسك معهم حجراَ ليرجمها ولكنهم لمسوا فيهالرأفة واللطف والحنان تجاه كل الناس وبالاكثر تجاه الخطأة والمحزونين ومنكسرىالقلوب.
اظهريسوع ايضاً في هذا الموقف بأنه محرر النفس من عبودية الخطية والذل والهوان فحررالمرأة من عبوديتها لإبليس وزرع فيها روح الحب والفرح والانتصار وصارت قصة هذهالمرأة هي قصة كل نفس اغلق في وجهها باب الحب والرحمة والحنان ارتمت عند اقداميسوع عريس الحب الالهيتجد عنده التنعمبسماع صوته العذبإمرأةٌ زانية واعتراف الشجاعة:أناامرأة كأي إمرأة أخرى تعيش في هذا العالم المليء بالمتناقضات الكثيرة جارتعلىّالايام وضاقت بي المعيشة وهذا ليس معناها الفقر المادي وما دفعني لمثل هذاالعمل لم يكن فقطاحتياج للمادة وما ينتج عنها وكي اكون صريحة اكثر هذهليست المشكلة بحدذاتها انما الجزء الرئيسي في المشكلة نشأت في بيت فقد انتمائه للشريعهومعها تناسىعبادة الاله الواحد وتفككت عائلتيصاركلاٍ منا يبحث عن مصلحته فشعرت بالوحدة والانعزال فنظرت الى ذاتي ورأيتفيها جسدٍجميل يميل له قلب الرجل وعينان جميلتان بهما اجذب الناس وعن حالتي النفيسةانحطتوانكسرت فجسلت مجدداً لأكتشف من جديد نفسي واسلوبي ومعاملتي وشاركني هناالتفكيرعدو الخير وقد ساهم في طريقة تغيير مسلكي وأنتفضت على هويتي وكياني واشقطريقي نحوالارتماء في احضان من يستهوني أو يستهواه قلبي وخيل لي أنه بهذه الطريقةيمكنيالخروج من حالتي دفعتني الرغبة أن اهجر البيت والمسكن الواحد مركزالاستقراروالامان الى أن اجد في كل يوم مسكن جديد ومركز جديد وبالرغم من هذا لمأشعربالطمانينة الى أن جاء علىّ نهار وأمسكت في ذات الفعل التف حولي الجمهوروامسكنيانا وترك من كان معي والسبب في ذلك حكم الشريعة القاسي الذي يحاسب المرأةعلىفعلها.
ولكييثبت الجمهور صحة ما يدعيه على دفعني بالايادي والآرجل والصوت العالي القاضي بحكمالناموس يريدون أن يطبقو ما جاء فيه ونص عليه من عقاب لمن يمسك في ذات الفعل أيجريمة الزني وهو الرجم بالحجارة حتى الموت .كان هؤلاء الناس كالذئاب المفترسةوالشرسةلابل الجائعة التي تنتظر فريستهاحتى تشبع رغبتها.
جاءوابيالى يسوع وكانوا ينون الوقوع به في فخالتعدي على الشريعة وعندما كنا نسير في الطريق باتجاهه خفت وارتبكت كثيراًلملاقاتهبسبب ما قاله بعض الكتبة والفريسين عنه بأنه رجل متكبرلايهمه احد يتخطى كلقوانين الناموس كل هذهالتصورات والافكار جعلتني ارتعب من لقائه ولاسيما وهو من قال عن نفسه أناوالآبواحد وهنا انفتح امامي باب اخر للتفكير بأنه هو رب الشريعة كان الإرتياحوالقناعة باديين على ملامحهم . لمأراقبهم كثيراً على أي حال ، ربما لأني كنت خائفة ، ولم أكن راغبة في انينتبهواالى وجودي ، وكلما كنا نتقرب منه كنت اشعر اكثر وأكثر بالارتباك والخوفوالفزع . لكن في الحقيقية لم يكن يهمني ما يقوله هؤلاء عنهوما أمره ومن هو؟.
لقدكنت مستعبدة مكبلة بالسلاسل والقيود لسنوات عديدة ادت بي لحياة النجاسة والشعور الشديد بالحاجة إلى الحب.كنتأشتري رضا الناس و قبولهم لي بجسدى كان الثمن غالي جدا وكنت أشعر بأننيأسير في طريق خاطئ لا نهاية له ولا هداية فيه هذا من ناحية الجسد أمامن ناحية النفس فامتلكني شعور بالفراغوالوحدة علي مر السنين .
لقدأدانني الناس بسبب أعمالي وانا ايضاَ أدنت نفسي أكثر منهم .صرخوا في وجهيولطموني ودفعوني، وتعالت أصواتهم القوية لدرجة لم اعد فيها قادرة على سماعأي شيء، وملأنيشعور بأني واقعه في حالة الغم والحزن العميق . وها أننا قد وصلنا الىيسوعالذي ينتظر منه الناس ان يصدر حكم في أمريعندهوتحت قدمية شتان الفرق بين حالتي وانا على الطريق مكبلة بالقيود والهتافات وحالةالهدوء التي سادت بشكل غير متوقع حتى تقدم احد الاشخاص منه وتكلم معه واصفاً حالتيوقائلاً " هذه المرأة امسكت في ذات الفعل " ويسوع بكل هدوء وكأن فيهدوءه سلطان النصر والكرامة والحكم العادل والسلام سائلاً عمّا يجب أن يُفعل بي . ويظهر انه كان متأكدا من جوابهم المنطلق من حكم الشريعة الرجم بالحجارة فقد سمع ماكان متوقع سماعه . وأنافي هذه اللحظات كنت منكسة الرأس ووجهي الىالأرض مرتعبة ومتعبة منهكة القوى، ولكن سرعان ما انتشر الصمت و الهدوء الرهيب وخصوصاًعلى من جاءوا بي متشكين علىّ ومعظمهم كانمن الصدوقيين والفريسيين وقلة من عامة الشعب الذين ساقوني بعجرفة واحتقار الى هذا المأزقوهذه المحكمة .
المرأة أمام يسوع وموقف الأطمئنان:أماميسوع عاد إلىّ الهدوء وأطمئن قلبي وتملكت أعصابي وتشجعت نفسي وامتلأت جرأة حتىأرفع وجهي قليلاً لأنظر اليه وفيه لم أرىالتكبر ولا البر الذاتي ولا الى ما قالوه عنه انما رأيت فيه الحنان والقوة والتواضع وخصوصاً لحظة إنحنائهعلى الارض وأخذ يكتب عليها للحظاتٍ اتصفتبالصمت والهدوء الى وافقاً ونظر الى كل الموجودين موجهاً نظره اليهم متكلماًبتواضع وهدوء عجيبين ، حتى تردد صدى كلماته في ذهني وفي كياني : من منكم بلا خطية، فليرمها أولاً بحجر. وبعد ان نطق بهذا انحنى ثانية وتابع الكتابة ، وكان يعلمماذا سيحدث بعدئذٍ تجمّدت وتهت في زحمة الأفكار التي هاجمتني فجأة ، كنت غيرمصدّقة لما أرى ولما يحدث أمامي وحولي عندما رأيتهم جميعاً يلقون بحجارتهم علىالأرض وينسحبون الواحد تلو الاخر ، منالكبار الى الصغار الى أن توقف يسوع عنالكتابة وانتصب قائماً ونظر اليَّ ، انطبعت في أعماقي وفي قلبي، بتعابير واضحة المعالم في ملامح وجهه الحنون وهذه النظرة لمولن أنساها وسألني : "أين هم المشتكون عليك ؟ ألم يدينك أحد ؟ "كلا يارب ! لم يبقّ أحد منهم ليدينني .
يسوع يمنح المرأة الغفران والسلام:
"ولاانا أدينك قال يسوع ، اذهبي بسلام ولاتخطئي فيما بعد " هذا هو الفرق بينحكم الشريعة القاضي بالرجم وحكم يسوع القاضي بالرحمة والحنان فيسوع هو ابن اللهالحي من ملئه نلنا نعمة فوق كل كل نعمة . نظر الى اعماق النفس كم هي غالية جداًوثمنية لديه ولها قيمة لاتقدر بثمنفهواشتراه بدمه الثمين . نظرّ يسوع الى أفق أبعد بكثير من قوانين الشريعة التي أرغمتالانسان على خدمتها وحولت منه عبداً خاضعاً لها أما هو جعل من الشريعة ناموسحياهبكلامه الذي هو روح وحياة . انطلقبنا يسوع من آفاق الظلمة والخطية التي كبلت روحنا واستعبدتنا جعلت منا عبيداً نعيشفي الجهل وعدم والمعرفة ،الى افاق النعمة والقداسة وشريعة المحبة التي جعلتنااحراراً لقد أحبنا وتحنن علينا .
صلاة شكر:شكراً لك يا يسوع ، فأنت بغنى نعمتك ، صالحتنتا مع الآب واعدتنا الىذاتنا ، ولمستنا برأفتك لأنك اله الرحمة الرأفةوالتعزية. ومنذ أن نظرت الى وجهك يا إلهي إطمئن قلبي وبغفرانك تجددت حياتي وسيرتيوأعدك بأني لن ولا أعود الى الخطيئة مرة اخرى فهوذا كل شيء عندي قد صار جديداً قد نلتالحياة الجديدة التي هي فيك يا أبو المراحم. لك المجد والشكر والعزة والتسبيح الىالابد أمين.
الأب انطونيوس مقار ابراهيمراعي الأقباط الكاثوليك في لبنان