عن موقع أبونا
تحتفل الكنائس التي تسير وفق التقويم الغربي، اليوم، بخميس الأسرار، والذي يحيا فيه ذكرى عشاء السيد المسيح الأخير مع تلاميذه، وتأسيس سري القربان المقدس والكهنوت المقدس، قبل آلامه.
ففي القدس، ترأس البطريرك فؤاد الطوال، بطريرك القدس للاتين، قداساً حبرياً في كنيسة القيامة، بمشاركة المونسنيور أنطونيو فرانكو، القاصد الرسولي في القدس، والمطران جورجيو لينغوا، سفير الكرسي الرسولي في الأردن، والعديد من الأساقفة، وحشد من الكهنة، من مختلف مناطق أبرشية القدس ومن أبرشيات متعددة جاؤوا للصلاة أمام قبر الخلاص، والذين جددوا مواعيد رسامتهم الكهنوتية، وعدد من فرسان القبر المقدس، ورهبان وراهبات، ولفيف من المؤمنين والحجاج.
تحتفل الكنائس التي تسير وفق التقويم الغربي، اليوم، بخميس الأسرار، والذي يحيا فيه ذكرى عشاء السيد المسيح الأخير مع تلاميذه، وتأسيس سري القربان المقدس والكهنوت المقدس، قبل آلامه.
ففي القدس، ترأس البطريرك فؤاد الطوال، بطريرك القدس للاتين، قداساً حبرياً في كنيسة القيامة، بمشاركة المونسنيور أنطونيو فرانكو، القاصد الرسولي في القدس، والمطران جورجيو لينغوا، سفير الكرسي الرسولي في الأردن، والعديد من الأساقفة، وحشد من الكهنة، من مختلف مناطق أبرشية القدس ومن أبرشيات متعددة جاؤوا للصلاة أمام قبر الخلاص، والذين جددوا مواعيد رسامتهم الكهنوتية، وعدد من فرسان القبر المقدس، ورهبان وراهبات، ولفيف من المؤمنين والحجاج.
وخلال القداس، قام البطريرك الطوال بمباركة الزيوت المقدسة، التي ستستعملها الكنيسة من خلال منحها للأسرار. وقام أيضاً بإقامة رتبة غسل الأرجل، لستة من طلاب إكليريكية بيت جالا التابع للبطريركية اللاتينية، وستة من الرهبان الفرنسيسكان، كما جرت العادة منذ عشرات السنين.
وفي نهاية القداس، أقيم زياح القربان الأقدس، بدورة احتفالية، تعالت فيها الترانيم القربانية باللغة اللاتينية، جابت أنحاء كنيسة القيامة، وانتهت بوضع القربان الأقدس في قبر الخلاص.
وفيما يلي عظة البطريرك فؤاد الطوال:
أصحاب السيادة، الآباء والأخوات، والحجاج الأعزاء والمؤمنون الأعزاء المستمعين إلينا عبر وسائط الإعلام، عيد سعيد، لكم جميعاً، يا أيها الكهنة والرهبان والراهبات، وجميع المكرسين للرب، وإلى كل من يتغذى بالقربان الأقدس والهائمين في هذا السر العظيم.
1. "أَنَّ سَاعَتَهُ قَدْ جَاءَتْ لِيَنْتَقِلَ مِنْ هذَا الْعَالَمِ إِلَى الآبِ" (يوحنا 13:1)
بهذه الكلمات أعلن الإنجيلي عن شروع آلام المسيح. ليتورجية يوم الخميس هذا تدعونا إلى أن نتذكر انتقال يسوع إلى أبيه.
2. "اصْنَعُوا هذَا لِذِكْرِي"
في القراءة الثانية لهذا اليوم، ينقل الرسول بطرس إلى أهل كورنثوس رموز وعبارات المسيح التي أقامها لدى تأسيسه سر القربان الأقدس، عشية العشاء الأخير في علية صهيون. كان ذلك بتكريس الخبز والخمر ليصبح جسد ودم المسيح. هذه الرموز، وهذه العبارات “التي انحدرت إلينا عبر التقاليد” لا زلنا نتذكرها اليوم في الكنيسة في كل مرة يتم الاحتفال بالذبيحة الإلهية.
ذكرى تضحية المسيح المقدسة تبعث بصدى لما هو أقدم من ذلك لدى الاحتفال بذكرى الخروج من أرض مصر إذ قال الرب لهم: "وَيَكُونُ لَكُمْ هذَا الْيَوْمُ تَذْكَارًا فَتُعَيِّدُونَهُ عِيدًا لِلرَّبِّ. فِي أَجْيَالِكُمْ تُعَيِّدُونَهُ فَرِيضَةً أَبَدِيَّةً" (الخروج 12:14). في واقع الحال، يُحتفل بعيد الفصح اليهودي إلى يومنا هذا في القدس.
لكن الفصح القديم لا يتعدى أن يكون صورة غير مكتملة للفصح الجديد. نحن المسيحيون نرى في موت وقيامة المسيح تتمة لما أومأ إليه الخروج من مصر أي التحرر من الشر ومن الموت، والدخول إلى الحياة التي منحها الله. يقدم يسوع المسيح نفسه “إلى خَاصَّتِهِ الَّذِينَ فِي الْعَالَمِ” وهو ” أَحَبَّهُمْ إِلَى الْمُنْتَهَى” (يوحنا 13:1). وإنها اليوم تتم لنا.
في الفصح الجديد، المسيح هو الكاهن كما هو الضحية. إنه المسيح الذي يندي جبينه قطرات دم كبيرة. إنه المسيح الذي يتألم وحده بعد أن هجره خاصته. إنه المسيح الذي جُرّد من كل كرامة. إنها حقبة يتنازل الله فيها بنفسه كي يحل فعلا مكان العبد المحكوم عليه.
3. "لَسْتَ تَعْلَمُ أَنْتَ الآنَ مَا أَنَا أَصْنَعُ، وَلكِنَّكَ سَتَفْهَمُ فِيمَا بَعْدُ" (يوحنا 13:7)
تحمل كلمات المسيح لبطرس كثيرا من المعاني. يعترض بطرس لدى انحناء السيد لغسل رجليه. بطرس، رئيس الكنيسة المستقبلي، لا يفهم معنى إشارة الانحناء بينما كان عليه أن ينظر بجدية إليها حتى وإن لم يتمكن من القيام بها.
هل نحن اليوم نفهم حقيقة رسالة المسيح الذي اختار التنازل والاذلال الذي لا يطاق؟ كيف يتمكن هذا الرجل الذي صعق الجماهير بسطوة كلمته والذي حقق الكثير من الرموز والعجائب أن ينحني بهذا الشكل؟ كيف لهذا الملك، أبن داوود، الذي هتف له الشعب رافعا سعف النخيل قبل أيام، من أن يتمكن من غسل الأرجل؟…
نعم أيها الرب، حقيقة إن “أَفْكَارك لَيْسَتْ أَفْكَارَنا، وَلاَ طُرُقُك طُرُقنا” (إشعياء 55:8).
بالنسبة لنا، نحن من يعيش في الأرض المقدسة، لا يزال المسيح يتألم في أعضاء جسده المجازي، نحن من يجابه يوميا نقص الحرية وغياب السلام، إلى الكيد والتألم حتى إلى الشهادة.
ظروف الحياة هذه تجرحنا في أعماق نفوسنا. إننا جائعون وظمئون جدا للعدل والسلام، ونحلم في أن نحيا حياة طبيعية. إننا سجناء الكراهية، وانعدام الثقة والخوف الذي يعتري الانسان تجاه الآخر.
يطلب اليوم المسيح إلينا أن نحذو حذوه في انحنائه بدلا من العظمة الفارغة، في تواضعه بدلا من الغطرسة، وفي تسامحه بدلا من البغضاء وفي حب أكبر له ولإخوتنا البشر.
4. "أُحِبُّوا بَعْضكُمْ بَعْضًا كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ" (يوحنا 15:12)
في هذا الشطر من إنجيل اليوم، نجد مفتاح أسبوع الآلام: إنها المحبة، وهي مفتاح الفصح الجديد. إنه الحب الخالص على خشبة الصليب، والمحن والآلام تبتلينا. إنه حب من وهب نفسه لغيره. إنه حب أول من أحبنا دون شروط. ومطلب المسيح لنا هو أن نحيا في هذا الحب كي نصبح أحرارا بالفعل.
وفي رمز غسل الأرجل الذي سنحتفل به، أعطانا السيد "مثالاً" ووصية جديدة: "أُحِبُّوا بَعْضكُمْ بَعْضًا كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ".
هذا مثال صعب الاقتفاء ويصعب أكثر أن نحياه، غير أنه يدعونا أن نعمل ذلك مثله.
فلنصل معا إلى السيد كي يساعدنا في عدم الهروب من هذا الصليب ولنقبل به. لنصل إلى مريم العذراء للحصول على الشجاعة لأن نكمل المسيرة البطولية هذه في الانحناء والموت مع المسيح كي نحب "كما أحبنا".
وبهذا، يتألق مجده على وجوهنا – وبهذا تصبح طريق آلامنا أقصر، وبهذا قيامتنا وقيامة شعبنا لا تتأخر، وبهذا ستكتشف القدس وجهها المسالم والعادل. مدينة مقدسة، وكنيسة أم تستقبل جميع المؤمنين وكأنهم إخوة لنا. وبهذا نصبح حقيقة أبناء الآب.
فليمنحنا الروح القدس الحكمة والقوة لأن نكون شهوداً حقيقيين لحبه وفي انتظار فرح القيامة. آمين.