باسم الآب والابن والروح القدس ، إله واحد آمين .
من الأنبا انطونيوس نجيببنعمة الله ، بطريرك الإسكندرية للأقباط الكاثوليك وكاردينال الكنيسة الجامعة ،
إلى أخوتنا المطارنة ، وإلى أبنائنا القمامصة والقسوس ، والرهبان والراهبات والشمامسة ،
وإلى جميع أبناء الكنيسة القبطية الكاثوليكية على أرض الوطن وفي بلاد الانتشار ..
من الأنبا انطونيوس نجيببنعمة الله ، بطريرك الإسكندرية للأقباط الكاثوليك وكاردينال الكنيسة الجامعة ،
إلى أخوتنا المطارنة ، وإلى أبنائنا القمامصة والقسوس ، والرهبان والراهبات والشمامسة ،
وإلى جميع أبناء الكنيسة القبطية الكاثوليكية على أرض الوطن وفي بلاد الانتشار ..
" فيه كانت الحياة ، وحياته كانت نور الناس ، والنور يشرق في الظلمة ،
والظلمة لا تقوى عليه " (يوحنا 1 : 4- 5)
أولاً : القيامة انتصار الحياة .
نحتفل هذا المساء المبارك بعيد القيامة المجيدة : قام المسيح ، حقاً قام . وتأتي هذه المناسبة السعيدة ونحن ما زلنا نعيش في أجواء وآمال وتطلعات ثورة 25 / يناير / 2011 . إنها ثورةٌ مصرية أصيلة . انبثقت من قلوب شبابها، من رغبتهم العميقة للتغيير والتقدم والرقي. إنهم شباب مصر الحضارة ، التي علـمت العالم الفنون والآداب ، وأول من نادى بوحدانية الخالق . لا تعرف الحروب الأهلية ، ولا تحب سفك الدماء ، ولا تجنح إلى العنف أو القسوة أو التطرف . ونجحت هذه الثورة في إيقاظ شعب بأكمله ، لتشكّل قيامة جديدة لمصر ، وبداية لتاريخ جديد في طريق النور والحرية والعدالة .
في فجر أحد القيامة ، ظهر الملاك للمريمات اللواتي جئن إلي قبر المسيح فوجدنه فارغا ، وقال لهن : "لماذا تطلبن الحي بين الأموات. ما هو هنا ، بل قام" ( لوقا 24 : 5 – 6 ) . هذا الحَدث هو ثورة حقيقية غيّرت مسيرة التاريخ . إنه الحدث الأعظم منذ خَلق الله آدم . وها هي الطبيعة تشترك فيه لتعلن انتصار الحياة علي الموت . يقول إنجيل القدّيس متي : "وفجأة وقع زلزال عظيم ، حين نزل ملاك الرب من السماء ، ودحرج الحجر عن باب القبر وجلس عليه . وكان منظره كالبرق ، وثوبه أبيض كالثلج . فارتعب الحراس لما رأوه ، وصاروا مثل الأموات . فقال الملاك للمرأتين : لا تخافا . أنا أعرف أنكما تطلبان يسوع المصلوب . ما هو هنا ، لأنه قام كما قال" (28 : 2) .
قيامة المسيح ثورة حقيقية . ثورة انتصرت فيها الحياة على الموت ، والروح على المادة، والخلود والأبدية علي الزوال والفناء . ثورة انتصر فيها النور على الظلام ، والرجاء علي اليأس، والخير علي الشر ، والحق على الباطل . في نورها أدركنا أن الألم له معني وله قيمة ، فهو مرحلة عابرة في المسيرة نحو القيامة للحياة الأبدية . اختفى جبروت الموت ورعبه ، وتأكدنا أن الإنسان لم يُخلق للموت بل للحياة . وتحقّق ما أعلنه المسيح : " أنا هو القيامة والحياة " (يوحنا 11 : 25 ) . ومن فجر القيامة انطلق نور المسيحية ، وصارت قيامة المسيح عربون قيامة الموتى جميعاً ( رومية 1 : 4 ) .
ثانياً : القيامة انتصار النور والحق والحرية .
قام المسيح من الموت ، بعد أن قدّم ذاته ذبيحة أبدية عن الإنسان ونسله ، وبعد أن أكمل سر الفداء . فلا قيامة إلا بعد الجهاد والتضحية بتفانٍ وإخلاص . وهذا قانون في الكون والوجود : لا تقدّم بدون تعب ، ولا رقي بدون عطاء ، ولا نجاح بدون سهر . وكل الحضارات التي ظهرت إنما أتت ثماراً لجهود أبناء البشر المخلصين . والأوطان لا تُبنى إلا بالقلوب النقية والضمائر اليقظة ، والمصلحين المخلصين في كل موقع ومسئولية . إن أهداف الثورة التي أطلقها الشباب في مصر ، مثل كل حركة تغيير للأفضل ، لا تتحقّق إلا بالعمل البنّاء الجاد ، بالتضامن وروح الجماعة ، بالبعد عن الفكر الضيق المتعصب والمتطرف ، بالعقول المستنيرة والعزيمة الجادة ، وبالوجدان المخلص للوطن .
النور والخير والحق والحرية والحب ، تلك هي ثمار قيامة المسيح ، وتلك هي أيضاً سمات أي ثورة حقيقية أصيلة . هي انتصار النور الذي يزيح ظلام الخوف واليأس والقلق ، وهي انتصار الحرية التي تمزّق قيود الاستعباد للأنانية والخطايا واللامبالاة ، وتتحرّر من السجن داخل الشهوات العابرة واللذات الباطلة . وهي ثورة الحقيقة التي لا تعرف الكذب أو النفاق أو الغش . قيامة المسيح هي نقطة الانطلاق إلى عالم جديد ، يقوم من موت الماضي حاملا طاقة التجديد والتقدم والرقي ، متسلحا بفكر مستنير ، وبروح الحب والعطاء .
ختاماً
إننا اليوم ، في اتحاد مع قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر ، وجميع البطاركة والأساقفة والشعوب ، نحتفل بعيد القيامة لأول مرة بعد الثورة المصرية النبيلة . وقد سبق أن احتفلنا في هذه الكنيسة بإقامة قداس الشكر والرحمة لأرواح شهداء الثورة ، مسلمين ومسيحيين . فدماء الشهداء في كل زمان ومكان هي بذور التقدم . فالأمم لا ترتقي إلا إذا روتها دماء وتضحيات الفداء . فليتقبل الله سبحانه وتعالى أرواح شهدائنا في موكب الأبرار .
ونرفع صلواتنا من أجل المجلس الأعلى للقوات المسلحة ، وجميع الذين يحملون أمانة مسئولية بلدنا الحبيب ، في هذه الفترة التاريخية الدقيقة والحاسمة . نتضرع إلي الرب أن ينيرهم ويساندهم ليقودوا مسيرة البناء الجديد إلي ميناء الأمن والأمان ، والاستقرار والتقدّم . فيحقّقوا للأجيال الحاضرة والمستقبلة أمانيهم الغالية ، بأن نرى مصرنا منارا للفكر المستنير ، والعمل البنّاء ، والقلب المتفتّح ، والسلام النابع من العدالة والحرّية والمساواة . ولتتكلل جهود كل من يعمل من أجل بناء الوطن ، في التضامن والمحبة ، بالنجاح والخير ووافر البركات .
ونصلي أيضا من أجل كل البلاد التي تجاهد في منطقتنا العربية ، وفي بلاد أفريقيا وآسيا ، من أجل أن تتمتع شعوبها بحياة كريمة ، قائمة علي الحرية والعدالة ، والمساواة والإخاء والتضامن ، ليعمّ الأمن والأمان ، والسلام والحب .
المسيح قام حقاً قام
الأنبا انطونيوس نجيب
بطريرك وكاردينال الإسكندرية للأقباط الكاثوليك
والظلمة لا تقوى عليه " (يوحنا 1 : 4- 5)
أولاً : القيامة انتصار الحياة .
نحتفل هذا المساء المبارك بعيد القيامة المجيدة : قام المسيح ، حقاً قام . وتأتي هذه المناسبة السعيدة ونحن ما زلنا نعيش في أجواء وآمال وتطلعات ثورة 25 / يناير / 2011 . إنها ثورةٌ مصرية أصيلة . انبثقت من قلوب شبابها، من رغبتهم العميقة للتغيير والتقدم والرقي. إنهم شباب مصر الحضارة ، التي علـمت العالم الفنون والآداب ، وأول من نادى بوحدانية الخالق . لا تعرف الحروب الأهلية ، ولا تحب سفك الدماء ، ولا تجنح إلى العنف أو القسوة أو التطرف . ونجحت هذه الثورة في إيقاظ شعب بأكمله ، لتشكّل قيامة جديدة لمصر ، وبداية لتاريخ جديد في طريق النور والحرية والعدالة .
في فجر أحد القيامة ، ظهر الملاك للمريمات اللواتي جئن إلي قبر المسيح فوجدنه فارغا ، وقال لهن : "لماذا تطلبن الحي بين الأموات. ما هو هنا ، بل قام" ( لوقا 24 : 5 – 6 ) . هذا الحَدث هو ثورة حقيقية غيّرت مسيرة التاريخ . إنه الحدث الأعظم منذ خَلق الله آدم . وها هي الطبيعة تشترك فيه لتعلن انتصار الحياة علي الموت . يقول إنجيل القدّيس متي : "وفجأة وقع زلزال عظيم ، حين نزل ملاك الرب من السماء ، ودحرج الحجر عن باب القبر وجلس عليه . وكان منظره كالبرق ، وثوبه أبيض كالثلج . فارتعب الحراس لما رأوه ، وصاروا مثل الأموات . فقال الملاك للمرأتين : لا تخافا . أنا أعرف أنكما تطلبان يسوع المصلوب . ما هو هنا ، لأنه قام كما قال" (28 : 2) .
قيامة المسيح ثورة حقيقية . ثورة انتصرت فيها الحياة على الموت ، والروح على المادة، والخلود والأبدية علي الزوال والفناء . ثورة انتصر فيها النور على الظلام ، والرجاء علي اليأس، والخير علي الشر ، والحق على الباطل . في نورها أدركنا أن الألم له معني وله قيمة ، فهو مرحلة عابرة في المسيرة نحو القيامة للحياة الأبدية . اختفى جبروت الموت ورعبه ، وتأكدنا أن الإنسان لم يُخلق للموت بل للحياة . وتحقّق ما أعلنه المسيح : " أنا هو القيامة والحياة " (يوحنا 11 : 25 ) . ومن فجر القيامة انطلق نور المسيحية ، وصارت قيامة المسيح عربون قيامة الموتى جميعاً ( رومية 1 : 4 ) .
ثانياً : القيامة انتصار النور والحق والحرية .
قام المسيح من الموت ، بعد أن قدّم ذاته ذبيحة أبدية عن الإنسان ونسله ، وبعد أن أكمل سر الفداء . فلا قيامة إلا بعد الجهاد والتضحية بتفانٍ وإخلاص . وهذا قانون في الكون والوجود : لا تقدّم بدون تعب ، ولا رقي بدون عطاء ، ولا نجاح بدون سهر . وكل الحضارات التي ظهرت إنما أتت ثماراً لجهود أبناء البشر المخلصين . والأوطان لا تُبنى إلا بالقلوب النقية والضمائر اليقظة ، والمصلحين المخلصين في كل موقع ومسئولية . إن أهداف الثورة التي أطلقها الشباب في مصر ، مثل كل حركة تغيير للأفضل ، لا تتحقّق إلا بالعمل البنّاء الجاد ، بالتضامن وروح الجماعة ، بالبعد عن الفكر الضيق المتعصب والمتطرف ، بالعقول المستنيرة والعزيمة الجادة ، وبالوجدان المخلص للوطن .
النور والخير والحق والحرية والحب ، تلك هي ثمار قيامة المسيح ، وتلك هي أيضاً سمات أي ثورة حقيقية أصيلة . هي انتصار النور الذي يزيح ظلام الخوف واليأس والقلق ، وهي انتصار الحرية التي تمزّق قيود الاستعباد للأنانية والخطايا واللامبالاة ، وتتحرّر من السجن داخل الشهوات العابرة واللذات الباطلة . وهي ثورة الحقيقة التي لا تعرف الكذب أو النفاق أو الغش . قيامة المسيح هي نقطة الانطلاق إلى عالم جديد ، يقوم من موت الماضي حاملا طاقة التجديد والتقدم والرقي ، متسلحا بفكر مستنير ، وبروح الحب والعطاء .
ختاماً
إننا اليوم ، في اتحاد مع قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر ، وجميع البطاركة والأساقفة والشعوب ، نحتفل بعيد القيامة لأول مرة بعد الثورة المصرية النبيلة . وقد سبق أن احتفلنا في هذه الكنيسة بإقامة قداس الشكر والرحمة لأرواح شهداء الثورة ، مسلمين ومسيحيين . فدماء الشهداء في كل زمان ومكان هي بذور التقدم . فالأمم لا ترتقي إلا إذا روتها دماء وتضحيات الفداء . فليتقبل الله سبحانه وتعالى أرواح شهدائنا في موكب الأبرار .
ونرفع صلواتنا من أجل المجلس الأعلى للقوات المسلحة ، وجميع الذين يحملون أمانة مسئولية بلدنا الحبيب ، في هذه الفترة التاريخية الدقيقة والحاسمة . نتضرع إلي الرب أن ينيرهم ويساندهم ليقودوا مسيرة البناء الجديد إلي ميناء الأمن والأمان ، والاستقرار والتقدّم . فيحقّقوا للأجيال الحاضرة والمستقبلة أمانيهم الغالية ، بأن نرى مصرنا منارا للفكر المستنير ، والعمل البنّاء ، والقلب المتفتّح ، والسلام النابع من العدالة والحرّية والمساواة . ولتتكلل جهود كل من يعمل من أجل بناء الوطن ، في التضامن والمحبة ، بالنجاح والخير ووافر البركات .
ونصلي أيضا من أجل كل البلاد التي تجاهد في منطقتنا العربية ، وفي بلاد أفريقيا وآسيا ، من أجل أن تتمتع شعوبها بحياة كريمة ، قائمة علي الحرية والعدالة ، والمساواة والإخاء والتضامن ، ليعمّ الأمن والأمان ، والسلام والحب .
المسيح قام حقاً قام
الأنبا انطونيوس نجيب
بطريرك وكاردينال الإسكندرية للأقباط الكاثوليك