مصر، الجمعة 25 مارس 2011 (Zenit.org).
– يبقى الحراك السياسي في مصر منطلقا وتبقى مصر في مرحلة جديدة من مراحل البحث عن الذات ، عن ذاتها ، بمسلميها ومسيحييها ، والرحلة محفوفة بالمخاطر ، ومنها ما بدا يطفو على السطح مؤخرا من اصطفاف مذهبي وديني ، تجلى ذلك واضحا في الاستفتاء على التعديلات الدستورية الاخيرة الذي جرى منذ أسبوع تقريبا ، وبات ان هناك مخاوف لأقباط مصر على نحو خاص من ارتفاع صوت الجماعات السلفية والجهادية ، لكن يبقى صوت الأزهر يمثل صحيح الإسلام ، ووجه المعتدل .
هذا حوار مع احد علماء الأزهر الإجلاء، حاولنا ان نغطي فيه غالبية القضايا المثيرة للجدل ، المنطلقة مسببة حالة من الهلع في نفوس الأقباط ، ولنترك الحكم على ما جاء فيه من اعتدال ووسطية ومودة وفكر راق للقارئ، في زمن جفت فيه ضروع فكرية كثيرة في ارض مصر المحروسة.
والى القسم الأول من نص الحوار .
– يبقى الحراك السياسي في مصر منطلقا وتبقى مصر في مرحلة جديدة من مراحل البحث عن الذات ، عن ذاتها ، بمسلميها ومسيحييها ، والرحلة محفوفة بالمخاطر ، ومنها ما بدا يطفو على السطح مؤخرا من اصطفاف مذهبي وديني ، تجلى ذلك واضحا في الاستفتاء على التعديلات الدستورية الاخيرة الذي جرى منذ أسبوع تقريبا ، وبات ان هناك مخاوف لأقباط مصر على نحو خاص من ارتفاع صوت الجماعات السلفية والجهادية ، لكن يبقى صوت الأزهر يمثل صحيح الإسلام ، ووجه المعتدل .
هذا حوار مع احد علماء الأزهر الإجلاء، حاولنا ان نغطي فيه غالبية القضايا المثيرة للجدل ، المنطلقة مسببة حالة من الهلع في نفوس الأقباط ، ولنترك الحكم على ما جاء فيه من اعتدال ووسطية ومودة وفكر راق للقارئ، في زمن جفت فيه ضروع فكرية كثيرة في ارض مصر المحروسة.
والى القسم الأول من نص الحوار .
* بداية كيف ترى حال مصر بعد 25 يناير والثورة الجديدة ؟ يمكن القول ان مصر في تقديري وحتى ألان، كانت جثة هامدة أشرفت على الموارة فاكتشف فريق من الأطباء انه مازال بها أنفاس وقد تعود الى الحياة .
** في تقديركم ماذا عن أهم التحديات التي تواجه مصر في الفترة الحالية دولة ووطن وشعب؟
ما أكثر التحديات ، أولها التقاط الشعب أنفاسه مما أصابه في السنوات السابقة ، إدراكه ما عليه ان يبذله من جهود لإدراك وتعويض ما فات ، ثالثا القدرة على الرؤية للعالم كله وموقع مصر في هذا العالم ، أما التحدي الأكبر فهو ان تعود الدولة الى سابق ما ينبغي ان تكون عليه من ان تكون دولة مؤسسات وليس دولة أفراد أو قيادات .
هناك تحديات أيضا كثيرة ، عودة المؤسسات الى مكانها ، ففي تقديري من وجهة نظر فقهية ودستورية انه لابد من وجود حدود واضحة بين الدولة وبين الحكومة، فمن آلام الستين سنة الماضية ان الحكومة أكلت الدولة وانتشلت حقوق الدولة ومنها حقوق الإنسان ، في حين ان الدولة هي الراعية للإنسان بصفة عامة قبل ان يسيس آو ينظم ، هذه الحدود قد تماهت ، ولابد من عودة الروح الى مؤسسات الدولة بصفة خاصة ثم مؤسسات الحكومة بعد ذلك .
** كيف ترى العلاقة بين الأقباط والمسلمين تاريخيا وحتى الساعة ؟
لا زالت تجليات 25 يناير لم تتضح وهي بحالة الى ان تأخذ حقها في ان تنضج والتركيز حتى ترى .
أما العلاقة بين المصريين جميعا مسلمين ومسيحيين فهي تاريخية ، هذه العلاقة بدوامها منذ حضور عمر بن العاص الى مصر وإعلانه انه جاء لطرد الرومان وليس لنشر الدين ، هذا أمر لابد ان يستدرك تاريخيا ، ودينيا ، وكان اكبر سند في عودة البطريرك بنيامين لموقعه قد استمرت أربعة عشر قرنا حتى اليوم .
** ماذا عن خبرتك الشخصية في هذا الإطار وبعيدا عن التنظيرات والقوالب الادبية المعدة مسبقا ان جاز التساؤل ؟
أنا ولدت في مصر وفي بيت علم ديني، أبي كان إمام وخطيب مسجد أيضا ، فكان ضيوف البيت لا نفرق بينهم إلا بالزى الكهنوتي إذا حضر القساوسة لزيارتنا، وكنا طوال عمرنا نذهب الى المستشفيات العامة ونتعامل مع الأطباء ولا يدر بخلد المسلم ان يسال هذا طبيب مسلم ام مسيحي؟ وكذلك الأمر في بقية مناحي الحياة ، بل انه كان يذهب أبنائنا الى المداري التبشيرية ولا إشكال في ذلك ، حتى الى المدارس المنتمية الى الكنائس الكاثوليكية في مصر، و 70% من تلامذتها عادة ما يكونوا مسلمين ، ومعنى ذلك ان سيناريو التفرقة هو سيناريو خارج عن إطار المألوف في النموذج المصري للتعايش المشترك .
** هذا هو الوجه المشرق، لكن في العقود الأربعة الاخيرة طفت على سطحها حالة من التوتر بين المسيحيين والمسلمين .... ما الذي جرى إذن ؟
أولا الدولة في العقود الأربعة المنصرمة ان تخلق لها دورا تفرضه على الكافة ، ومن بين الملامح التي صاغتها لنفسها أنها مهدئ وعامل ضابط للتوتر الطائفي على الجانبين فخلقت وابتكرت هذا الأمر وأقامت نفسها حائط سد لمنعه كما أثبتت الأوراق هذه من ناحية .
من ناحية أخرى الإهمال وضعف الرؤية السياسية عند قادة الدولة عموما ، افتقدوا رؤية سياسية تقودهم الى حقيقة ان الكنيسة الأرثوذكسية المصرية أصبحت مع بداية السبعينات في مصر وعلى رأسها رجل مسيس ، البابا شنودة هذا في الوقت الذي جعلت فيه الدولة على رأس ، الأزهر والأوقاف والإفتاء قوم غير مسيسين وغير قادرين حتى على رؤية طبيعة المؤسسة الدينية.
لم نرى أحدا ممن قادوا هذه المؤسسة بأجزائها الثلاثة الإفتاء، وجامعة الأزهر، ومشيخة الأزهر، يدري علاقة المؤسسة بالدولة وعلاقة الدولة بما حولها وعلاقة المسلمين بالعالم، ويتصور كل منهم انه جيء به كإمام كبير لجامع كبير وليس لجامعة ومؤسسة ومسؤولية .
** ما جرى في قرية صول من هدم كنيسة قال البعض انه فتنة أرادها فلول النظام القديم ، لكن البعض الأخر يرى ان الأمر ابعد من ذلك .... ما هي رؤيتكم ؟
لاشك ان الجزء الأول من السؤال صحيح و حقيقي ، وقد قابلت القس عبد المسيح بسيط الذي كان قريب من أزمة كنيسة قرية صول و قال لي ان مسيحي من هذه القرية أهله وكنيسته أبعدته وأخرجته من القرية لسوء سلوكه ، وفوجئت البلدة والكنيسة ان رجلا من رجال الأمن المصري قد أعاده واحضره من ليبيا لبث الفتنة في تلك الأيام .
هذا أمر لا ينكر، أصابع الأمن وأصابع الثورة المضادة واضحة وأصابع المنتفعين من النظام البائد واضحة ،، لكن يجب ألا نضع رؤسنا في الرمال ونعلق كل الأمر على الثورة المضادة، ونسكت على ذلك هناك توتر فعلي في العلاقة على المستوى الشعبي لا لشيء إلا لقصور في أداء الدولة أبرزه حرية الكنيسة في اختيار دعاتها وتعيينهم وإقالتهم وتأديبهم وسماعهم وعدم حرية المؤسسة الدينية الإسلامية في تربية وتعيين وتدبير ومتابعة رجالها .
** كيف انسحبت تبعات هذه الإشكالية على المؤسسات الإسلامية المصرية ؟
هذا أمر واضح جدا هناك من كان يصطفي الضعاف من المسؤولين ، وكثيرا ما كانوا ينتقوا وكلاء وزارة الأوقاف من ضباط الرقابة الإدارية ليصيروا مسؤولين عن مشايخ مصر ، ولهذا كان لابد ان يكون هناك توتر سيما عند العوام ويكون هناك همس ان الكنيسة نشطة وعلامات استفهام عن الذي جعل الأزهر وأجنحته مشققة وراكدة.
وكان التساؤل كذلك :" هل ذلك شدة تدخل وشدة امتداد لنفوذ الكنيسة ام ضعف من الأزهر؟ ومن الذي أراد للأزهر ان يكون ضعيف، ولهذا خرجت أمس مظاهرتان كبيرتان الأولى في وزارة الأوقاف والثانية في المشيخة لإلغاء هذا العبث ، يريدون لمصر ان تعود قوية روحيا، ومعبرة كما كانت عن صحيح الوعي والوحي الإسلامي الذي يبغى مؤاخاة إنسانية وصفاء في العقيدة تجاه المسلم والمسيحي.
** تكلمت مؤخرا بشكل لقي قبولا عن بناء الكنائس .. ما هي رؤيتك لفض اشكالية بناء الكنائس في مصر ؟
بناء الكنائس في مصر ، هذا أمر لا يحتاج الى جهد كبير ولا الى تذكير ، إذا كان الدستور يضمن حرية الشعائر لجميع المواطنين أبناء الوطن ، وكذلك جميع المقيمين والوافدين من الخارج ، إذ ليس من حقي ان استقبل سائح وان امنعه من ان يصلي او يباشر روحانيته ، هذا حق مكفول للإنسان أينما حل ، هذه واحدة لكن هذه الازمة ابتكرتها أجهزة الأمن لتجد بها مبررا لاستقرارها او مبررا لفرض نفوذها على الناس ، وقد زاد انزعاجي عندما سمعت القس عبد المسيح بسيط من الكنيسة القبطية الأرثوذكسية يقول ان هناك سبعة ألاف مواطن في قرية ليس لهم كنيسة ، فعلى الهواء مباشرة قلت له لو ان الأمر بيدي فانه إذا بلغ عدد المقيمين في نجع او كفر مائة شخص مسيحي فقط وليس عدة ألاف فانه من حقهم ان تكون لهم كنيسة.
والحقيقة ان أبراج الكنائس ليست عورة في البلاد الإسلامية ولا تنفي وجود المآذن الإسلامية، هذا السبق المحموم بين بعض الناس لا يعبر عن تدين ولا عن فكر لروح الدين .
إنما إذا التقطت المؤسسات الدينية أنفاسها وأعادت ترتيب أوراقها وصار للأزهر ما للكنيسة من حقوق وصار للكنيسة ما بعمق الدين من وقار أنا أرى ان شعب مصر سيعيد تعليم العالم ما هو التدين مرة أخرى .
** كيف ترى حال الأزهر الشريف في العقود الاخيرة ودوره على صعيد الحياة المصرية العامة وليس الدينية فقط ؟
بقي الأزهر في مصر 1050 عاما ، 800 سنة من هذا التاريخ ليس فيها في مصر حادث إرهابي وليس فيها أي حادثة طائفية ولا نفوذ او نداء ، وقد يخفى على كثير من أبنائنا منذ وجد التعلم الأزهري ان قانونه لا يشترط دين المنتمي إليه للدراسة في التعليم الابتدائي .
فمن أراد ان يدرس يحضر وهذا من منطلق راقي لأنهم متأكدون انه ليس عندهم ما يحفونه أو أسرار تمنع عن الأخر ، كل ما عندهم لابد ان يلقى في خطبة الجمعة على العلن وان يسمعه الجميع . كل ما تراه او تسمعه او تقدره من سؤات في الفكر لاذي يدعي الإسلام مؤخرا اعلم انه ليس بإسلامي وليس بإنساني وهذه أمور من تداعيات تردي حال الأزهر الذي تحول وبحق من مؤسسة الى دكانه في العهود الاخيرة . .
** الخطاب الديني في مصر وعند مجموعات إسلامية مختلفة بدا يصيب كثيرين حتى من المسلمين أنفسهم بحالة من القلق والخوف ... أليس هذا صحيحا .؟
أنا معك في ذلك لكن ما السبب ؟ أنا أسالك إذا ذهبت لعيادة طبيب لفحص صحي وبقيت خمس أو ست ساعات ثم يوم واثنين وثلاثة دون ان يحضر الطبيب ، ماذا أنت فاعل في نفسك ؟ ليس أمامك إلا ان تعرض نفسك على المساعد أو على طبيب غير متخصص .
نفس الأمر حينما ضيق على الأزهر وشتت ، قامت هذه الرؤوس تدعي، ووجد الناس فيها بعضهم نجدة ، فإذا كان الطبيب الأصلي غائب فهل يبقى الناس بأمراضهم ؟
للأسف وجد كثير من الناس في حدود هولاء الحل وبعض من متنفس، أما أذا عاد الطبيب الى موقعه وأدى حق الله في هذا لاحق وأدار المؤسسة إدارة تزيد الناس نفعا وتدينا لتلاشت كل هذه الأمور دون أدنى ضغط والتاريخ يثبت ذلك .
** في تقديركم ماذا عن أهم التحديات التي تواجه مصر في الفترة الحالية دولة ووطن وشعب؟
ما أكثر التحديات ، أولها التقاط الشعب أنفاسه مما أصابه في السنوات السابقة ، إدراكه ما عليه ان يبذله من جهود لإدراك وتعويض ما فات ، ثالثا القدرة على الرؤية للعالم كله وموقع مصر في هذا العالم ، أما التحدي الأكبر فهو ان تعود الدولة الى سابق ما ينبغي ان تكون عليه من ان تكون دولة مؤسسات وليس دولة أفراد أو قيادات .
هناك تحديات أيضا كثيرة ، عودة المؤسسات الى مكانها ، ففي تقديري من وجهة نظر فقهية ودستورية انه لابد من وجود حدود واضحة بين الدولة وبين الحكومة، فمن آلام الستين سنة الماضية ان الحكومة أكلت الدولة وانتشلت حقوق الدولة ومنها حقوق الإنسان ، في حين ان الدولة هي الراعية للإنسان بصفة عامة قبل ان يسيس آو ينظم ، هذه الحدود قد تماهت ، ولابد من عودة الروح الى مؤسسات الدولة بصفة خاصة ثم مؤسسات الحكومة بعد ذلك .
** كيف ترى العلاقة بين الأقباط والمسلمين تاريخيا وحتى الساعة ؟
لا زالت تجليات 25 يناير لم تتضح وهي بحالة الى ان تأخذ حقها في ان تنضج والتركيز حتى ترى .
أما العلاقة بين المصريين جميعا مسلمين ومسيحيين فهي تاريخية ، هذه العلاقة بدوامها منذ حضور عمر بن العاص الى مصر وإعلانه انه جاء لطرد الرومان وليس لنشر الدين ، هذا أمر لابد ان يستدرك تاريخيا ، ودينيا ، وكان اكبر سند في عودة البطريرك بنيامين لموقعه قد استمرت أربعة عشر قرنا حتى اليوم .
** ماذا عن خبرتك الشخصية في هذا الإطار وبعيدا عن التنظيرات والقوالب الادبية المعدة مسبقا ان جاز التساؤل ؟
أنا ولدت في مصر وفي بيت علم ديني، أبي كان إمام وخطيب مسجد أيضا ، فكان ضيوف البيت لا نفرق بينهم إلا بالزى الكهنوتي إذا حضر القساوسة لزيارتنا، وكنا طوال عمرنا نذهب الى المستشفيات العامة ونتعامل مع الأطباء ولا يدر بخلد المسلم ان يسال هذا طبيب مسلم ام مسيحي؟ وكذلك الأمر في بقية مناحي الحياة ، بل انه كان يذهب أبنائنا الى المداري التبشيرية ولا إشكال في ذلك ، حتى الى المدارس المنتمية الى الكنائس الكاثوليكية في مصر، و 70% من تلامذتها عادة ما يكونوا مسلمين ، ومعنى ذلك ان سيناريو التفرقة هو سيناريو خارج عن إطار المألوف في النموذج المصري للتعايش المشترك .
** هذا هو الوجه المشرق، لكن في العقود الأربعة الاخيرة طفت على سطحها حالة من التوتر بين المسيحيين والمسلمين .... ما الذي جرى إذن ؟
أولا الدولة في العقود الأربعة المنصرمة ان تخلق لها دورا تفرضه على الكافة ، ومن بين الملامح التي صاغتها لنفسها أنها مهدئ وعامل ضابط للتوتر الطائفي على الجانبين فخلقت وابتكرت هذا الأمر وأقامت نفسها حائط سد لمنعه كما أثبتت الأوراق هذه من ناحية .
من ناحية أخرى الإهمال وضعف الرؤية السياسية عند قادة الدولة عموما ، افتقدوا رؤية سياسية تقودهم الى حقيقة ان الكنيسة الأرثوذكسية المصرية أصبحت مع بداية السبعينات في مصر وعلى رأسها رجل مسيس ، البابا شنودة هذا في الوقت الذي جعلت فيه الدولة على رأس ، الأزهر والأوقاف والإفتاء قوم غير مسيسين وغير قادرين حتى على رؤية طبيعة المؤسسة الدينية.
لم نرى أحدا ممن قادوا هذه المؤسسة بأجزائها الثلاثة الإفتاء، وجامعة الأزهر، ومشيخة الأزهر، يدري علاقة المؤسسة بالدولة وعلاقة الدولة بما حولها وعلاقة المسلمين بالعالم، ويتصور كل منهم انه جيء به كإمام كبير لجامع كبير وليس لجامعة ومؤسسة ومسؤولية .
** ما جرى في قرية صول من هدم كنيسة قال البعض انه فتنة أرادها فلول النظام القديم ، لكن البعض الأخر يرى ان الأمر ابعد من ذلك .... ما هي رؤيتكم ؟
لاشك ان الجزء الأول من السؤال صحيح و حقيقي ، وقد قابلت القس عبد المسيح بسيط الذي كان قريب من أزمة كنيسة قرية صول و قال لي ان مسيحي من هذه القرية أهله وكنيسته أبعدته وأخرجته من القرية لسوء سلوكه ، وفوجئت البلدة والكنيسة ان رجلا من رجال الأمن المصري قد أعاده واحضره من ليبيا لبث الفتنة في تلك الأيام .
هذا أمر لا ينكر، أصابع الأمن وأصابع الثورة المضادة واضحة وأصابع المنتفعين من النظام البائد واضحة ،، لكن يجب ألا نضع رؤسنا في الرمال ونعلق كل الأمر على الثورة المضادة، ونسكت على ذلك هناك توتر فعلي في العلاقة على المستوى الشعبي لا لشيء إلا لقصور في أداء الدولة أبرزه حرية الكنيسة في اختيار دعاتها وتعيينهم وإقالتهم وتأديبهم وسماعهم وعدم حرية المؤسسة الدينية الإسلامية في تربية وتعيين وتدبير ومتابعة رجالها .
** كيف انسحبت تبعات هذه الإشكالية على المؤسسات الإسلامية المصرية ؟
هذا أمر واضح جدا هناك من كان يصطفي الضعاف من المسؤولين ، وكثيرا ما كانوا ينتقوا وكلاء وزارة الأوقاف من ضباط الرقابة الإدارية ليصيروا مسؤولين عن مشايخ مصر ، ولهذا كان لابد ان يكون هناك توتر سيما عند العوام ويكون هناك همس ان الكنيسة نشطة وعلامات استفهام عن الذي جعل الأزهر وأجنحته مشققة وراكدة.
وكان التساؤل كذلك :" هل ذلك شدة تدخل وشدة امتداد لنفوذ الكنيسة ام ضعف من الأزهر؟ ومن الذي أراد للأزهر ان يكون ضعيف، ولهذا خرجت أمس مظاهرتان كبيرتان الأولى في وزارة الأوقاف والثانية في المشيخة لإلغاء هذا العبث ، يريدون لمصر ان تعود قوية روحيا، ومعبرة كما كانت عن صحيح الوعي والوحي الإسلامي الذي يبغى مؤاخاة إنسانية وصفاء في العقيدة تجاه المسلم والمسيحي.
** تكلمت مؤخرا بشكل لقي قبولا عن بناء الكنائس .. ما هي رؤيتك لفض اشكالية بناء الكنائس في مصر ؟
بناء الكنائس في مصر ، هذا أمر لا يحتاج الى جهد كبير ولا الى تذكير ، إذا كان الدستور يضمن حرية الشعائر لجميع المواطنين أبناء الوطن ، وكذلك جميع المقيمين والوافدين من الخارج ، إذ ليس من حقي ان استقبل سائح وان امنعه من ان يصلي او يباشر روحانيته ، هذا حق مكفول للإنسان أينما حل ، هذه واحدة لكن هذه الازمة ابتكرتها أجهزة الأمن لتجد بها مبررا لاستقرارها او مبررا لفرض نفوذها على الناس ، وقد زاد انزعاجي عندما سمعت القس عبد المسيح بسيط من الكنيسة القبطية الأرثوذكسية يقول ان هناك سبعة ألاف مواطن في قرية ليس لهم كنيسة ، فعلى الهواء مباشرة قلت له لو ان الأمر بيدي فانه إذا بلغ عدد المقيمين في نجع او كفر مائة شخص مسيحي فقط وليس عدة ألاف فانه من حقهم ان تكون لهم كنيسة.
والحقيقة ان أبراج الكنائس ليست عورة في البلاد الإسلامية ولا تنفي وجود المآذن الإسلامية، هذا السبق المحموم بين بعض الناس لا يعبر عن تدين ولا عن فكر لروح الدين .
إنما إذا التقطت المؤسسات الدينية أنفاسها وأعادت ترتيب أوراقها وصار للأزهر ما للكنيسة من حقوق وصار للكنيسة ما بعمق الدين من وقار أنا أرى ان شعب مصر سيعيد تعليم العالم ما هو التدين مرة أخرى .
** كيف ترى حال الأزهر الشريف في العقود الاخيرة ودوره على صعيد الحياة المصرية العامة وليس الدينية فقط ؟
بقي الأزهر في مصر 1050 عاما ، 800 سنة من هذا التاريخ ليس فيها في مصر حادث إرهابي وليس فيها أي حادثة طائفية ولا نفوذ او نداء ، وقد يخفى على كثير من أبنائنا منذ وجد التعلم الأزهري ان قانونه لا يشترط دين المنتمي إليه للدراسة في التعليم الابتدائي .
فمن أراد ان يدرس يحضر وهذا من منطلق راقي لأنهم متأكدون انه ليس عندهم ما يحفونه أو أسرار تمنع عن الأخر ، كل ما عندهم لابد ان يلقى في خطبة الجمعة على العلن وان يسمعه الجميع . كل ما تراه او تسمعه او تقدره من سؤات في الفكر لاذي يدعي الإسلام مؤخرا اعلم انه ليس بإسلامي وليس بإنساني وهذه أمور من تداعيات تردي حال الأزهر الذي تحول وبحق من مؤسسة الى دكانه في العهود الاخيرة . .
** الخطاب الديني في مصر وعند مجموعات إسلامية مختلفة بدا يصيب كثيرين حتى من المسلمين أنفسهم بحالة من القلق والخوف ... أليس هذا صحيحا .؟
أنا معك في ذلك لكن ما السبب ؟ أنا أسالك إذا ذهبت لعيادة طبيب لفحص صحي وبقيت خمس أو ست ساعات ثم يوم واثنين وثلاثة دون ان يحضر الطبيب ، ماذا أنت فاعل في نفسك ؟ ليس أمامك إلا ان تعرض نفسك على المساعد أو على طبيب غير متخصص .
نفس الأمر حينما ضيق على الأزهر وشتت ، قامت هذه الرؤوس تدعي، ووجد الناس فيها بعضهم نجدة ، فإذا كان الطبيب الأصلي غائب فهل يبقى الناس بأمراضهم ؟
للأسف وجد كثير من الناس في حدود هولاء الحل وبعض من متنفس، أما أذا عاد الطبيب الى موقعه وأدى حق الله في هذا لاحق وأدار المؤسسة إدارة تزيد الناس نفعا وتدينا لتلاشت كل هذه الأمور دون أدنى ضغط والتاريخ يثبت ذلك .